وجاهدَ كُلَّ كَفّارٍ ظَلومٍ |
|
وقابَلَ مِن ضَلالِهِمْ هُداهُ |
فَداهُ بنفسِهِ للهِ حَتّى |
|
تَفَرَّقَ من شَجاعَتِهِ عِداهُ |
وجادَ لَهُ عَلىٰ ظَمَأٍ بماءٍ |
|
وكان رِضا أخيهِ مُبْتَغاهُ (١) |
إنّ شجاعة أبي الفضل قد أدهشت أفذاذ الشعراء ، وصارت مضرب المثل على امتداد التأريخ ، وممّا زاد في أهمّيتها أنّها كانت لنصرة الحقّ والذبّ عن المثل والمبادئ التي جاء بها الإسلام ، وأنّها لم تكن بأيّ حال من أجل مغنم ماديّ دنيوي .
أمّا قوّة الإيمان بالله ، وصلابته فإنّها من أبرز العناصر في شخصيّة أبي الفضل عليهالسلام ، ومن أوّليّات صفاته ، فقد تربّى في حجور الإيمان ، ومراكز العلم (٢) والتقوى ، ومعاهد الطاعة والعبادة لله تعالى ، فقد غذّاه أبوه زعيم الموحّدين ، وسيّد المتّقين بجوهر الإيمان ، وواقع التوحيد ، لقد غذّاه بالإيمان الناشىٔ عن الوعي ، والتدبّر في حقائق الكون ، وأسرار الطبيعة ، ذلك الإيمان الذي أعلنه الإمام عليهالسلام بقوله : « لَوْ كُشِفَ الغِطاءُ ما ازْدَدْتَ يَقيناً » (٣) .
وقد تفاعل هذا الإيمان العميق في أعماق قلب أبي الفضل وفي دخائل ذاته حتّى صار من عمالقة المتّقين والموحّدين ، وكان من عظيم إيمانه الذي لا يحدّ أنّه قدّم نفسه وإخوته وبعض أبنائه قرابين خالصة لوجه الله تعالى .
__________________________
(١) مثير الأحزان : ٥٤ .
(٢) وعدّه العلّامة المامقاني من فقهاء الهاشميّين قائلاً : « وقد كان من فقهاء أولاد الأئمّة عليهمالسلام ، وكان عدلاً ثقةً تقيّاً نقيّاً » : ٢ : ١٢٨ .
(٣) بحار الأنوار : ٤٠ : ١٥٣ ، باب ٩٣ ـ علمه ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله علّمه ألف باب ، وأنّه كان محدثاً ، الحديث ٥٤ . غرر الحكم : ١١٩ ، الباب الخامس في الإمامة ، الفصل الثاني في عليّ عليهالسلام ، فضائله ، الحديث ٢٠٨٦ .