بني الإنسان ، فيوزّع عليهم خيرات الله ، فثارت في وجهه العصابة المجرمة من الرأسماليّة القرشيّة ، وأوغاد الأمويّين الذين اتّخذوا مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً ، وقد صمد الإمام في وجوههم ، ولم ينثن عن عزمه الجبّار حتّى استشهد مناضلاً عن قيمه وأهدافه .
وانبرى الإمام الحسن عليهالسلام ومعه السادة الكرام من إخوانه ، ومن بينهم أبو الفضل العبّاس عليهالسلام ، إلى تجهيز الجثمان العظيم ، فغسّلوا الجسد الطاهر ، ثمّ أدرجوه في أكفانه ، وهم يذرفون أحرّ الدموع ، وبعد ذلك حملوه إلى مقرّه الأخير ، فدفنوه في مرقده المطهّر في النجف الأشرف ، وقد أعزّه الله ورفع من شأنه فجعله كعبةً للوافدين ، ولم يحظ مرقد من مراقد أولياء الله كما حظي مرقده الشريف ، فقد اُحيط بهالة من التعظيم والتقديس عند كافّة المسلمين .
لقد شاهد سيّدنا أبو الفضل العبّاس عليهالسلام خلافة أبيه ، وما رافقها من الأحداث الجسام ، وما قاساه أبوه من المصاعب والمشاكل في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعيّة على واقع الحياة العامّة بين المسلمين ، وقد تنكّرت له وحاربته القوى الباغية على الإسلام ، والحاقدة على الاصلاح الاجتماعي .
لقد وعى العبّاس الأهداف المشرقة التي كان ينشدها أبوه ، فآمن بها ، وجاهد في سبيلها ، وقد انطلق مع أخيه سيّد الشهداء إلى ساحات الشرف والجهاد من أجل أن يعيدا للمسلمين سيرة أبيهما الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ومنهجه المشرق في عالم السياسة والحكم .
وتسلّم الإمام الحسن عليهالسلام قيادة الدولة الإسلاميّة بعد وفاة أبيه ، وكانت الأوضاع