حكومته ، ففزع يزيد كأشدّ ما يكون الفزع حينما قرأ رسالة الأشدق ، فرفع في الوقت مذكّرة إلى ابن عبّاس يتهدّد فيها الحسين عليهالسلام على تحرّكه ، ويطلب منه التدخّل فوراً لإصلاح الأمر وحجب الحسين عليهالسلام عن مناهضته .
فأجابه ابن عبّاس برسالة ، نصحه فيها بعدم التعرّض للحسين عليهالسلام ، وأنّه إنّما هاجر إلى مكّة فراراً من السلطة المحلّيّة في يثرب التي لم ترع مكانته ، ومقامه .
ومكث الإمام عليهالسلام في مكّة والناس تختلف إليه ، وتدعوه إلى إعلان الثورة على الأمويّين ، وكانت مباحث الأمن تراقبه أشدّ ما تكون المراقبة ، وتسجّل جميع تحرّكاته ونشاطاته السياسيّة ، وما يدور بينه وبين الوافدين عليه ، وتبعث بجميع ذلك إلى دمشق لاطلاع يزيد عليه .
وحينما اُشيع هلاك معاوية في الكوفة أعلنت الشيعة أفراحها بموته ، وعقدوا مؤتمراً شعبيّاً في بيت أكبر زعمائهم ، وهو سليمان بن صرد الخزاعي ، واندفعوا إلى إعلان الخطب الحماسيّة فيها ، وقد عرضوا بصورة شاملة إلى ما عانوه من الاضطهاد والتنكيل في أيّام معاوية ، وأجمعوا على بيعة الإمام الحسين ، ورفض بيعة يزيد ، وأرسلوا في نفس الوقت وفداً منهم ليحثّ الإمام على القدوم إلى مصرهم لتشكيل حكومته ليعيد لهم الحياة الكريمة التي فقدوها في ظلال الحكم الأموي ، ويبسط في بلادهم الأمن والرخاء ، وترجع بلدهم عاصمة للدولة الإسلاميّة كما كانت أيّام أبيه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام .
وكان من بين ذلك الوفد عبد الله البجلي ، وأخذ الوفد يسرع في سيره حتّى انتهى إلى مكّة ، فعرض على الإمام مطاليب أهل الكوفة ، وألحّوا عليه بالاسراع إلى القدوم إليهم .