يخطّان في الأرض (١) .
واستوعب حبّ العبّاس قلب اُمّه الزكّية ، فكان عندها أعزّ من الحياة ، وكانت تخاف عليه ، وتخشى من أعين الحسّاد من أن تصيبه بأذى أو مكروه ، وكانت تعوّذه بالله ، وتقول هذه الأبيات :
اُعيـذُهُ بِالواحِدِ |
|
مِنْ عَينِ كُلِّ حاسِدِ |
قائِمِهِمْ وَالقاعِدِ |
|
مُسلِمِهِمْ وَالجاحِدِ |
صادِرِهِمْ وَالْوارِدِ |
|
مُوَلِّدِهِمْ وَالوالِدِ (٢) |
كان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يرعى ولده أبا الفضل في طفولته ، ويعنى به أشدّ ما تكون العناية فأفاض عليه مكوّنات نفسه العظيمة العامرة بالإيمان والمثل العليا ، وقد توسّم فيه أنّه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام ، وسيسجّل للمسلمين صفحات مشرقة من العزّة والكرامة .
كان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام يوسع العبّاس تقبيلاً ، وقد احتلّ عواطفه وقلبه ، ويقول المؤرّخون : إنّه أجلسه في حجره ، فشمّر العبّاس عن ساعديه ، فجعل الإمام يقبّلهما ، وهو غارق في البكاء ، فبهرت اُمّ البنين وراحت تقول للإمام عليهالسلام : ما يبكيك ؟
__________________________
= وفي المنجد إنّه التامّ الحسن .
(١) مقاتل الطالبيّين : ٥٦ .
(٢) المنمّق في أخبار قريش : ٤٣٧ .