أرأيتم هذا الوصف الرائع لبسالة أبي الفضل وقوة بأسه وشجاعته النادرة !
أرأيتم كيف وصف الحلّي ما حلّ بالجيش الأموي من الجبن الشامل ، والهزيمة الساحقة حينما برز إليهم قمر بني هاشم وبطل الإسلام ، فأنزل بهم العذاب الأليم ، وترك صفوفهم تموج من الخوف والرعب ، وكان العبّاس متبسّماً مثلوج الفؤاد ممّا ينزل بهم من الخسائر الفادحة ، فقد ملأ ساحة المعركة بجثث قتلاهم ، وصبغ خيولهم بدمائهم ، وفيما أحسب أنّه لم توصف البسالة والشجاعة بمثل هذا الوصف الرائع الدقيق ، والذي لا مبالغة فيه حسبما تحدّث الرواة عمّا أنزله العبّاس عليهالسلام بأهل الكوفة من الخسائر الجسيمة .
ويستمرّ السيّد الحلّي في وصف شجاعة أبي الفضل ، فيقول :
بَطَلٌ إِذا رَكِبَ المُطَهَّمَ خِلْتَهُ |
|
جَبَلاً أَشَمَّ يَخفُّ فيهِ مُطَهَّمُ |
قَسَماً بِصارِمِهِ الصَّقيلِ وَإِنَّني |
|
في غَيرِ صاعِقَةِ السَّماء لَا اُقْسِمُ |
لَوْلا القَضا لَمَحا الوجودَ بِسَيفِهِ |
|
وَاللهُ يَقْضي ما يَشاءُ وَيَحكُمُ (١) |
لقد كان سيف أبي الفضل صاعقة مدمّرة قد حلّت بأهل الكوفة ، ولولا قضاء الله لأتى العبّاس على الجيش ، ومحاهم من ساحة الوجود .
وبهر الإمام محمّد الحسين كاشف الغطاء رحمهالله بشجاعة أبي الفضل ، فقال في قصيدته العصماء :
وَتَعْبسُ مِنْ خَوفٍ وُجوهُ اُمَيَّةٍ |
|
إِذا كَرَّ عَبّاسُ الوَغىٰ يَتَبَسَّمُ |
__________________________
(١) سحر بابل وسجع البلابل / السيّد جعفر الحلّي : ٤٣٠ و ٤٣١ ، تحقيق : الإمام الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء .