« تقدّموا يا بني أُمّي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله فإنّه لا ولد لكم » (١) .
لقد طلب من إخوانه الممجّدين أن يقدّموا نفوسهم قرابين لدين الله ، وأن ينصحوا في جهادهم لله ورسوله ، ولم يلحظ في تضحيتهم أي اعتبار آخر من النسب وغيره .
والتفت أبو الفضل إلى أخيه عبد الله ، فقال له : تقدّم يا أخي حتى أراك قتيلاً ، وأحتسبك (٢) .
واستجابت الفتية إلى نداء الحقّ فهبّوا للدفاع عن سيّد العترة وإمام الهدى الحسين عليهالسلام .
ومن أهزل الأقوال ، وأبعدها عن الحقّ ما ذكره ابن الأثير أنّ العبّاس عليهالسلام قال لاخوته : « تقدّموا حتّى أرثكم » ، فقال ما نصّه : « وقال العبّاس بن عليّ لاخوته من اُمّه : عبد الله وجعفر وعثمان ، تقدّموا حتّى أرثكم ، فإنّه لا ولد لكم ، ففعلوا ، فقتلوا » (٣) .
لقد قالوا بذلك ، ليقلّلوا من أهميّة هذا العملاق العظيم الذي هو من ذخائر الإسلام ، ومن مفاخر المسلمين ، وهل من الممكن أن يفكّر فخر هاشم في الناحية الماديّة في تلك الساعة الرهيبة التي كان الموت المحتّم منه كقاب قوسين أو أدنى .
مضافاً إلى الكوارث التي أحاطت به ، فهو يرى أخاه قد أحاطت به جيوش الأمويّين ، وهو يستغيث فلا يُغاث ، ويسمع صراخ عقائل النبوّة ومخدّرات الرسالة ،
__________________________
(١) الإرشاد : ٢ : ١٠٩ .
(٢) مقاتل الطالبيّين : ٨٨ .
(٣) الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٩٤ .