وعمد اُولئك الأجلاف إلى نهب أمتعة الإمام ، فنزعوا منه بساطاً كان جالساً عليه ، وسلبوا منه رداءه ، ولم تكن هناك أيّة حماية للإمام من جيشه ، فقد جرت هذه العمليّة بمرأى ومسمع منهم .
هذه بعض الأحداث المروّعة التي عاناها الإمام عليهالسلام في المدائن ، وهي تلزمه بالصلح والتخلّي عن ذلك المجتمع المصاب بأخلاقه وعقيدته .
أمّا صلح الإمام الحسن عليهالسلام مع معاوية ، فقد كان ضروريّاً حسب الأعراف السياسيّة ، كما كان واجباً شرعيّاً مسؤول عن تنفيذه أمام الله والاُمّة ، فإنّه لو فتح باب الحرب بجيشه المنهزم نفسيّاً لتغلّب عليه معاوية بأوّل حملة ، ولما أمكنه أن يحقّق أي نصر ، وفي تلك الحالة لا يخلو أمره من إحدى حالتين : إمّا القتل أو الأسر ، فإن قتل فلا تستفيد منه القضيّة الإسلاميّة لأنّ معاوية بما يملك من دبلوماسيّة مبطّنة بالخداع والمكر والنفاق ، سوف يلقي التبعة على الإمام في قتله ، ويبرّئ نفسه من أيّة مسؤوليّة ، وأمّا إذا لم يُقتل الإمام ، وحمل إلى معاوية أسيراً ، فإنّه من دون شكّ سوف يعفو عنه ، وبذلك يسجّل له يداً بيضاء على الاُسرة النبويّة ، ويمحو عنه وعن اُسرته وصمة الطليق التي وصمهم بها النبي صلىاللهعليهوآله .
وعلى أي حال ، فإنّ الإمام الحسن عليهالسلام قد اضطرّ إلى الصلح واُرغم عليه ، ولم تكن هناك أيّة مندوحة للعدول عنه ، وقد جرى الصلح حسب شروط ذكرناها بالتفصيل مع تحليلها في كتابنا ( حياة الإمام الحسن عليهالسلام ) .
وممّا لا شكّ فيه حسب
المقاييس العلميّة والسياسيّة أنّ الإمام أبا محمّد قد انتصر في هذا الصلح ، فقد أبرز حقيقة معاوية الجاهليّة ، وقد ظهرت خفايا نفسه ،