وجميع أعضائها ، فالناس أحرار فيما يتولّون ، وينقدون ، وقد كان الخوراج يقطعون على الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام خطابه ، ويخدشون عواطفه بنقدهم الذي لم يكن واقعيّاً ، وإنّما كان مبنيّاً على الجهل والمغالطة ، فلم يتّخذ الإمام أي إجراء ضدّهم ، ولم يسقهم إلى المحاكم والقضاء لينالوا جزاءهم ، وبذلك فقد عهد الامام إلى نشر الوعي العامّ ، وبناء الشخصيّة المزدهرة للإنسان المسلم .
هذه بعض صور الحريّة التي طبّقت أيّام حكم الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهي تمثّل مدى أصالة منهجه السياسي الذي يساير التطوّر والابداع .
واهتمّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بصورة إيجابيّة بنشر الوعي الديني ، وإشاعة المُثل الإسلاميّة بين المسلمين ، باعتبارها الركيزة الاُولى لإصلاح المجتمع وتهذيبه .
إنّ من اُولى معطيات الوعي الديني إقصاء الجريمة ، ونفي الشذوذ والانحراف عن المجتمع ، وإذا لم يتلوّث بذلك ، فقد بلغ غاية الازدهار والتقدّم .
ومن المقطوع به أنّا لم نجد أحداً من خلفاء المسلمين وملوكهم قد عنى بالتربية الدينيّة كما عني الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقد حفل نهج البلاغة بالكثير من خطبه التي تهزّ أعماق النفوس ، وتدفعها إلى سلوك المناهج الخيّرة ، واعتناق الفضائل ، وإبعادها عن اقتراف الجرائم ، وقد أثمرت خطبه في إيجاد طبقة من خيار المسلمين وصلحائهم ، قاوموا الانهيار الأخلاقي ، وناهضوا التفسّخ والتحلّل الذي شاع أيّام حكم الأمويّين ، وكان من بين هؤلاء رشيد الهجري ، وميثم التمّار ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، وغيرهم من بناة الفكر الإسلامي .
أمّا نشر الوعي
السياسي في أوساط المجتمع الإسلامي فهو من أهمّ الأهداف