السياسيّة التي تبنّاها الإمام عليهالسلام في أيّام حكومته .
ونعني بالوعي السياسي هو تغذية المجتمع وإفهامه بجميع الطرق والوسائل بالمسؤوليّة أمام الله تعالى ، على مراقبة الأوضاع العامّة في الدولة ، وغيرها من سائر الشؤون الاجتماعيّة للمسلمين ، حتّى لا يقع أي تمزّق في صفوفهم ، أو أي تأخّر أو ضعف في حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة ، وقد ألزم الإسلام بذلك . قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « كُلُّكُمْ راعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ » (١) .
ألقى النبيّ صلىاللهعليهوآله المسؤوليّة على جميع المسلمين في رعاية شؤونهم ، والعمل على حفظ مصالحهم ، ودرء الفساد عنهم .
ومن بين الأحداث المهمّة الداعية إلى مقاومة أئمّة الظلم والجور هذا الحديث النبوي الذي ألقاه أبو الأحرار على جلاوزة ابن مرجانة وعبيدة ، قال :
« أَیُّها النّاسُ ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله قالَ : مَنْ رَأىٰ سُلْطاناً جائِراً مُسْتَحِلّاً لِحُرمِ اللهِ ، ناکِثاً لِعَهْدِ اللهِ ، مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله ، یَعمَلُ فِي عِبادِ اللهِ بِالْإِثمِ وَالْعُدوَانِ ، فَلَم یُغَیِّرْ عَلَیهِ بِفِعْلٍ ، وَلَا قَوْلٍ کانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ یُدْخِلَهُ مَدْخَلَهُ . . » (٢) .
وكان هذا الحديث الشريف من المحفّزات لسيّد الشهداء عليهالسلام على إعلان الجهاد المقدّس ضدّ الحكم الأموي الجائر الذي استحلّ ما حرّم الله ، ونكث عهده ، وخالف سنّة رسوله صلىاللهعليهوآله ، وعمل في عباد الله بالإثم والعدوان .
إنّ الوعي السياسي الذي أشاعه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بين المسلمين أيّام حكمه قد خلق شعوراً ثوريّاً ضدّ الظالمين والمستبدّين ، فقد انبرى المجاهدون
__________________________
(١) الجامع الصغير بشرح السيوطي : ٢ : ١٥٨ . صحيح البخاري : ١ : ٢١٥ ، باب الجمعة في القرى والمدن .
(٢) بحار الأنوار : ٤٤ : ٣٨٢ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٠٤ . الكامل في التاريخ : ٤ : ٤٨ .