الممجّدون من أصحابهم ، فرفعوا شعار التحرير ، وأعلنوا الجهاد المقدّس من أجل إنقاذ المسلمين من الذلّ والعبوديّة ، وإعادة الحياة الحرّة الكريمة لها ، حتّى استشهدوا من أجل هذا الهدف السامي ، فأي وفاء للاُمّة يضارع مثل هذا الوفاء ؟
وغمرت الوطن الإسلامي محن شاقّة وعسيرة أيّام الحكم الأموي ، فقد فقدَ استقلاله وكرامته ، وصار بستاناً للأمويّين وسائر القوى الرأسماليّة من القرشيّين وغيرهم من العملاء ، وقد شاع البؤس والحرمان وذلّ فيه المصلحون والأحرار ، ولم يكن فيه أي ظلّ لحريّة الفكر والرأي ، فهبّ العبّاس تحت قيادة أخيه سيّد الشهداء عليهالسلام إلى مقاومة ذلك الحكم الأسود ، وتحطيم أروقته وعروشه ، وقد تمّ ذلك بعد حين بفضل تضحياتهم ، فكان حقّاً هذا هو الوفاء للوطن الإسلامي .
ووفى أبو الفضل عليهالسلام ما عاهد الله عليه من البيعة لأخيه ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والمنافح الأوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين .
ولم يرَ الناس على امتداد التاريخ وفاءً مثل وفاء أبي الفضل لأخيه الإمام الحسين عليهالسلام ، ومن المقطوع به أنّه ليس في سجلّ الوفاء الإنساني أجمل ولا أنضر من ذلك الوفاء الذي أصبح قطباً جاذباً لكلّ إنسان حرّ شريف .
أمّا قوّة الإرادة فإنّها من أميز صفات العظماء الخالدين الذين كتب لهم النجاح في أعمالهم ، إذ يستحيل أن يحقّق من كان خائر الإرادة وضعيف الهمّة أي هدف اجتماعي ، أو يقوم بأي عمل سياسي .