للتنكيل وسوء العذاب .
وبقي ابن عقيل حائراً لا يدري إلى أين مأواه وملجأه ، فقد أحاطت به تيّارات من الهموم ، وكاد قلبه أن ينفجر من شدّة الألم العاصف ، واستبان له أنّه ليس في المصر رجل شريف يقوم بضيافته وحمايته ، ومضى متلدّداً في أزقّة الكوفة ، وانتهى به السير إلى سيّدة كريمة يقال لها طوعة هي سيّدة من في المصر بما تملكه من إنسانيّة وشرف ونبل ، وكانت واقفة على باب دارها تنتظر قدوم ابنها ، وهي فزعة عليه ، من الأحداث الرهيبة التي مُني بها المصر ، ولما رآها مسلم بادر نحوها فسلّم عليها ، فردّت عليه السلام ، ووقف مسلم ، فأسرعت قائلة : ما حاجتك ؟
ـ اسقيني ماءاً .
وبادرت السيّدة فجاءته بالماء فشرب منه ، ثمّ جلس فارتابت منه ، فقالت له : ألم تشرب الماء ؟
ـ بلى .
ـ اذهب إلى أهلك إنّ مجلسك مجلس ريبة .
وسكت مسلم ، فأعادت عليه القول ، وطلبت منه الانصراف من باب دارها ، ومسلم ساكت ، فذعرت منه وصاحت به : سبحان الله ! إنّي لا اُحلّ لك الجلوس على بابي .
ولمّا حرّمت عليه الجلوس نهض ، وقال لها بصوت خافت حزين النبرات : ليس لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة ، فهل لك إلى أجر ومعروف أن تقومي بضيافتي في هذه الليلة ، ولعلّي اُكافئك بعد هذا اليوم .
وشعرت المرأة بأنّ
الرجل غريب ، وأنّه ذو شأن كبير ، ومكانة عظمى ،