جيش مسلم ، فيذيعون الارهاب ، وينشرون الخوف ، وانطلق العملاء بين قطعات جيش مسلم ، فأخذوا يبثّون الأراجيف والكذب ، وتناولت دعاياتهم ما يلي :
١ ـ تهديد أصحاب مسلم بجيوش أهل الشام ، وأنّها سوف تنكّل بهم إن بقوا مصرّين على متابعة مسلم .
٢ ـ إنّ الحكومة سوف تقطع مرتّباتهم ، وتحرمهم من جميع مواردهم الاقتصاديّة .
٣ ـ إنّ الدولة ستزجّ بهم في مغازي أهل الشام .
٤ ـ إنّ الحكومة ستعلن فيهم الأحكام العرفيّة ، وتسوسهم بسياسة زياد بن أبيه التي تحمل إشارات الموت والدمار .
وكانت هذه الاشاعات كالقنابل على رؤوسهم ، فقد انهارت أعصابهم ، واضطربت قلوبهم ، وجبنوا أبشع ما يكون الجبن ، وولّوا منهزمين على أعقابهم وهم يقولون : ما لنا والدخول بين السلاطين .
ولم يمض قليل من الوقت حتّى فرّ معظمهم ، وبقي ابن عقيل مع جماعة قليلة ، وقصد بهم نحو الجامع الأعظم ليؤدّي صلاة العشائين ، ففرّوا منهزمين في أثناء الصلاة ، فقد قذف في قلوبهم الرعب ، وسرت فيهم أوبئة الخوف ، وما أنهى ابن عقيل صلاته حتّى انهزموا جميعاً ، ولم يبق معه إنسان يدلّه على الطريق أو يأويه ، وقد لبس الكوفيّون بذلك ثياب العار والخزي ، وأثبتوا أنّ ولاءهم لأهل البيت عليهمالسلام كان عاطفيّاً ، وغير مستقرّ في دخائل قلوبهم ، وأعماق نفوسهم ، وأنّهم لا ذمّة ولا وفاء لهم .
وسار مسلم فخر بني
هاشم متلدّداً في أزقّة الكوفة ، وشوارعها يلتمس فيها داراً لينفق فيه بقيّة الليل ، فلم يظفر بذلك ، فقد خلت المدينة من المارّة ،
كأنّما اُعلن فيها منع التجوّل ، فقد أغلق الكوفيّون عليهم الأبواب مخافة أن تعرفهم مباحث
الأمن ، وعيون ابن زياد بأنّهم كانوا مع ابن عقيل فتلقي عليهم القبض ، وتعرّضهم