وقامت السيّدة اُمّ البنين برعاية سبطي رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانتيه ، وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين عليهماالسلام ، وقد وجدا عندها من العطف والحنان ما عوّضهما من الخسارة الأليمة التي مُنيا بها بفقد اُمّهما سيّدة نساء العالمين ، فقد توفّيت ، وعمرها كعمر الزهور ، فقد ترك فقدها اللوعة والحزن في نفسيهما .
لقد كانت السيّدة اُمّ البنين تكنّ في نفسها من المودّة والحبّ للحسن والحسين عليهماالسلام ما لا تكنّه لأولادها الذين كانوا ملء العين في كمالهم وآدابهم .
لقد قدّمت اُمّ البنين أبناء رسول الله صلىاللهعليهوآله على أبنائها في الخدمة والرعاية ، ولم يعرف التاريخ أنّ ضرّة تخلص لأبناء ضرّتها وتقدّمهم على أبنائها سوى هذه السيّدة الزكيّة ، فقد كانت ترى ذلك واجباً دينياً ، لأنّ الله أمر بمودّتهما في كتابه الكريم ، وهما وديعة رسول الله صلىاللهعليهوآله وريحانتاه ، وقد عرفت اُمّ البنين ذلك فوفت بحقّهما ، وقامت بخدمتهما خير قيام .
ولهذه السيّدة الزكيّة مكانة متميّزة عند أهل البيت عليهمالسلام ، فقد أكبروا إخلاصها وولاءها للإمام الحسين عليهالسلام ، وأكبروا تضحيات أبنائها المكرّمين في سبيل سيّد الشهداء عليهالسلام .
يقول الشهيد الأوّل ـ وهو من كبار فقهاء الإماميّة ـ : « كانت اُمّ البنين من النساء الفاضلات ، العارفات بحقّ أهل البيت عليهمالسلام ، مخلصة في ولائهم ، ممحضة في مودّتهم ، ولها عندهم الجاه الوجيه ، والمحلّ الرفيع ، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة ، كما كانت تعزّيها أيّام العيد » (١) .
__________________________
(١) العباس / المقرّم : ٧٢ و ٧٣ نقلاً عن مجموعة الشهيد الأوّل .