وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ، ولو لم يكن معي سلاح أُقاتلهم لقذفتهم بالحجارة ، والله لا نخلّيك حتىٰ يعلم الله أن قد حفظنا غيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله . . . » (١) .
لقد عبّرت هذه الكلمات عن عميق إيمانه بريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّه سيذبّ عنه حتّى النفس الأخير من حياته .
وانبرى بطل آخر من أصحاب الإمام ، وهو سعيد بن عبد الله الحنفي ، فخاطب الإمام قائلاً : « والله لا نخلّيك حتىٰ يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسوله صلىاللهعليهوآله فيك ، والله لو علمتُ أنّي أُقتل ثمّ أُحيا ثمّ أُحرق ، ثمّ أُذرّ ، يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتى ألقىٰ حمامي دونك ، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ، ثمّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا ؟! » (٢) .
وليس في قاموس الوفاء أصدق ، ولا أنبل من هذا الوفاء ، فهو يتمنّى من صميم قلبه أن تجري عليه عمليّة القتل سبعين مرّة ليفدي الإمام عليهالسلام ، ليحفظ بذلك غيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكيف لا يستطيب الموت في سبيله وإنّما هو مرّة واحدة ، ثمّ هي الكرامة الأبديّة التي لا انقضاء لها .
وانبرى زهير بن القين فأعلن نفس الاتّجاه الذي أعلنه المجاهدون من إخوانه قائلاً : « والله ، لوددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ، ثمّ قتلت حتى أُقتل هكذا ألف مرّة ، وأنّ الله عزّ وجلّ يدفع بذلك القتل عن نفسك ، وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك » (٣) .
__________________________
(١) الإرشاد : ٢ : ٩٢ . اللهوف : ٥٦ . أنساب الأشراف : ٣ : ٣٩٣ . تاريخ الاُمم والملوك : : ٤ : ٣١٨ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٨٥ .
(٢) اللهوف : ٥٦ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣١٨ . البداية والنهاية : ٨ : ١٧٨ و ١٧٩ .
وفي أنساب الأشراف : ٣ : ٣٩٣ ذكر أنّه تكلم ، ولم يذكر نصّ كلامه .
(٣) الإرشاد : ٢ : ٩٢ . اللهوف : ٥٦ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣١٨ .