وارتبك ابن سعد حينما علم أنّ الحرّ قد التحق بمعسكر الإمام ، وهو من كبار قادة الفِرق في جيشه ، وخاف أن يلحتق غيره بالإمام ، فزحف الباغي الأثيم نحو معسكر الإمام ، وأخذ سهماً كأنّه كان نابتاً في قلبه ، فأطلقه صوب الإمام ، وهو يصيح : اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل من رمى (١) .
واتّخذ بذلك وسيلة لفتح باب الحرب ، وطلب من الجيش أن يشهدوا له عند سيّده ابن مرجانة أنّه أوّل من رمى ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ليكون أميره على ثقة من إخلاصه ، ووفائه للأمويّين ، وأن ينفي عنه كلّ شبهة من أنّه غير جادّ في حربه للحسين عليهالسلام .
وتتابعت السهام كأنّها المطر على أصحاب الإمام ، فلم يبق أحد منهم إلّا أصابه سهم منها ، والتفت الإمام إلى أصحابه ، فأذن لهم في الحرب قائلاً : قُومُوا يا كِرَامُ ، فَهٰذه رُسُلُ الْقَوْمِ إِلَيْكُمْ (٢) .
وتقدّمت طلائع الشرف والمجد من أصحاب الإمام إلى ساحة الحرب لتحامي عن دين الله ، وتذبّ عن ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهم على يقين لا يخامرهم أدنى شكّ أنّهم على الحقّ ، وأنّ الجيش الأموي على ضلال ، قد سخط الله عليه
__________________________
(١) أنساب الأشراف : ٣ : ٣٩٨ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٢٦ . الفتوح : ٥ : ١٠٠ .
(٢) مناقب آل أبي طالب : ٤ : ١٠٠ . اللهوف : ٦٠ .