وَعَنْ إِمامٍ صادِقِ اليَقِينِ |
|
نَجْلِ النَّبِيِّ الطّاهِرِ الأَمِينِ (١) |
ودلّل بهذا الرجز على الأهداف العظيمة ، والمُثل العليا التي يناضل من أجلها فهو إنّما يناضل دفاعاً عن الإسلام ، ودفاعاً عن إمام المسلمين ، وسيّد شباب أهل الجنّة .
ولم يبعد العبّاس قليلاً حتّى كمن له من وراء نخلة رجس من أرجاس البشرّية وهو الحكيم بن الطفيل الطائي فضربه على يساره فبراها ، وحمل القربة بأسنانه ـ حسبما تقول بعض المصادر ـ وجعل يركض ليوصل الماء إلى عطاشى أهل البيت عليهمالسلام وهو غير حافل بما كان يعانيه من نزف الدماء ، وألم الجراح ، وشدّة العطش (٢) ، وكان ذلك حقّاً هو منتهى ما وصلت إليه الإنسانيّة من الشرف والوفاء والرحمة .
وبينما هو يركض وهو بتلك الحالة إذ أصاب القربة سهم غادر فاُريق ماؤها ، ووقف البطل حزيناً ، فقد كان إراقة الماء عنده أشدّ عليه من قطع يديه ، وشدّ عليه رجس فعلاه بعمود من حديد على رأسه الشريف ففلق هامته ، وهوى على الأرض وهو يؤدّي تحيّته ووداعه الأخير إلى أخيه قائلاً : « عليك منّي السلام أبا عبد الله » (٣) .
وحمل الأثير محنته إلى أخيه ، فمزّقت قلبه ، ومزّقت أحشاءه ، وانطلق نحو نهر العلقمي حيث هوى إلى جنبه أبو الفضل ، واقتحم جيوش الأعداء فوقف على جثمان أخيه ، فألقى بنفسه عليه ، وجعل يضمّخه بدموع عينيه وهو يلفظ شظايا قلبه الذي مزّقته الكوارث قائلاً : الْآن انْكَسَرَ ظَهْرِي ، وَقَلَّتْ حِيلَتِي ، وَشَمِتَ
__________________________
(١) مناقب آل أبي طالب : ٤ : ١٠٨ . ينابيع المودّة : ٣ : ٦٨ .
(٢) بحار الأنوار : ٤٥ : ٤١ و ٤٢ .
(٣) مقتل الحسين عليهالسلام / المقرّم : ٣٣٨ . ينابيع المودّة : ٣ : ٦٨ .