وقد أوضحنا بحمد الله في غير هذه [ العجالة (١) ] أن العزّة لله ولرسوله ، ولهم ولأتباعهم ، وأنّهم المخصوصون بنصر الله أبداً من حين بعث الله محمَّداً صلىاللهعليهوآله : إلى أن يورّثهم الله الأرض ومن عليها بالبرهان المتضاعف.
الخامس : أنه لو ثبت دعواه لثبت عكسه ، ونقيضه وعكسه ، فثبت أن كلّ من لم تنشر دعوته وتعلُ كلمته وتمتدّ دولته وتحصل على كلّ حال نصرته ، فهو ليس بصادق ولا من أهل الحقّ ؛ فيخرج جلّ الأنبياء والرسل عليهمالسلام على هذا عن أهل الحقّ والصدق ؛ إذ لم تسمع لأكثرهم دعوة ، ولم تقبل منهم موعظة ، ولم تثبت لهم في ظاهر الحال نصرة ، ولا علت لهم في ظاهر الحال كلمة ، ولا حصلت لهم على أهل زمانهم غلبة.
وفي الخبر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنه رأى النبيّ ومعه الرهط ، والنبيّ ومعه الرجلان والرجل ، والنبيّ وليس معه أحد. مع أنه لا شكّ في كونهم هم الدعاة إلى الله ، وذلك لا ينافيه.
بل ويلزم أن الرسول صلىاللهعليهوآله : مدّة مقامه في مكّة لم يعلم بأنه من أهل الحقّ والصدق ، بل ولم يكن منهم لعدم غلبته في الظاهر على عتاة قريش.
بل ويلزم كون قريش في ذلك الحال هم أهل الحقّ.
بل ويلزم انقلاب الحقّ باطلاً وبالعكس ، وذلك كلّه باطل بالضرورة.
الثاني : (٢) أن قوله : ( ومع ذلك نراهم إذا ذكرت الغلبة ) إلى آخره ، بهتان عليهم وزور ؛ إذ لم يقل أحد منهم بذلك ، ولا وجد في شيء من كتبهم ، والكذب لا يؤسّس دعوى.
نعم كلّ مسؤول عن شهادته يوم تبلى السرائر ، بل من تصفّح زبرهم وجدهم قد أقاموا البرهان المتضاعف عقلاً ونقلاً على أن العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين منذ بدأ الله الخلق إلى أن يرجع كلّ شيء إلى ما منه بدأ.
__________________
(١) في المخطوط : ( العزالة ).
(٢) في المخطوط : ( السادس ).