به ، وحكمة هو أعلم بها.
فهذه سائر ملوك الأرض ممّن يدّعي الإسلام وغيرهم لم نرهم ، بل ولا جُلّ رعاياهم ؛ [ لاحتجابهم (١) ] بحجاب الملك والتعظّم والتجبّر ، فعدم الرؤية لا يستلزم نفي السلطنة والنصر والعزّة ، وإلّا لما كان لإبليس وحزبه دولة.
الرابع : (٢) أن قوله : ( لا يستقيم ) إلى آخره ، مسلّم ، ومنه يعلم أن ثبوت عزّ الرافضة ودولتهم في وقتٍ وبوجه ما يستلزم عزّ إمامهم ، ووجود دولته في جميع الأوقات ، وبجميع الجهات والحالات ؛ لأنّهم الأقلّون عدداً ، مع شدّة حرص جميع من على وجه الأرض ممّن خالفهم على إبادتهم. والحال أنّهم معروفون بأعيانهم وبلدانهم ، وكتُبهم منتشرة ، وبراهينهم على الحقّ ظاهرة مشهورة ، قد ملأت ما بين الخافقين ، ومع هذا لم يُخلِ الله الأرض منهم ، ولا من علمائهم الداعين إلى الله ، المبطلين للباطل ، الموضّحين للحقّ في كلّ زمان مع شهرتهم. فذلك من أوضح البراهين على عزّ إمامهم ، ودوام نصره ووجوده ، وقهره لعدوّهم عنهم بقدرة الله تعالى.
الخامس : (٣) أن قوله : ( فلو كان كما تقولون ) إلى آخره ، تقوّل على الله بغير علم ، وتخرّص في الأديان بغير برهان. كيف ، والدعاة إلى الله في كلّ زمان من أزمنة ظهور دولة الباطل وغلبة الجهل وجنوده يخفون أشخاصهم في كثير من الأزمان عن أهل الطغيان ، ولكلّ رسول غيبة ، كما يعرف ذلك من وقف على السير والأخبار ، خصوصاً أكابرهم كإدريس : ويونس : وموسى : وإبراهيم : وعيسى : ومحمّد : صلىاللهعليهوآله وعليهم أجمعين وغيرهم؟
هذا وقد تواتر البرهان المحكم عقلاً ونقلاً (٤) ، وأطبقت العقلاء على عدم جواز خلوّ زمان من أزمنة التكليف من حجّة لله من البشر ؛ إما ظاهر مشهور ، أو خائف
__________________
(١) في المخطوط : ( لاحتجاجهم ).
(٢) في المخطوط : ( الثامن ).
(٣) في المخطوط : ( التاسع ).
(٤) بحار الأنوار ٢٣ : ٢٠ / ١٦ ، ١٧.