وإذا كان الرهن مما يسرع إليه الفساد ، ولم يشرط (١) بيعه إذا خيف فساده ، كان الرهن باطلا ، لأن المرتهن لا ينتفع به ، والحال هذه ، وإذا أذن المرتهن للراهن في بيع الرهن بشرط أن يكون ثمنه رهنا مكانه ، كان ذلك جائزا ، ولم يبطل البيع ، بدليل قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) (٢) ، ويحتج على المخالف بقوله : المؤمنون عند شروطهم (٣) ، وإن قال له : بع الرهن بشرط أن تجعل ثمنه من ديني قبل محله ، صح البيع ، وكان الثمن رهنا إلى وقت المحل ، ولم يلزم الوفاء بتقديم الحق قبل محله ، لأنه لا دليل على لزوم ذلك.
والرهن أمانة في يد المرتهن ، إن هلك من غير تفريط ، فهو من مال الراهن ، ولا يسقط بهلاكه شيء من الدين ، بدليل الإجماع المشار إليه.
ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه ، له غنمه وعليه غرمه (٤) ، لأن المراد بالغنم الزيادة ، وبالغرم النقصان والتلف ، وقولهم : المراد بالغرم النفقة والمئونة ، لا ينافي ما قلناه ، فيحمل اللفظ على الأمرين ، وأيضا فقوله «الرهن من صاحبه» المراد به من ضمان صاحبه ، ومعنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يغلق» أي لا يملكه المرتهن ، ويحتج عليهم بقوله : الخراج بالضمان (٥) ، وخراجه إذا كان للراهن بلا خلاف ، وجب أن يكون من ضمانه.
__________________
(١) في «س» : ولم يشترط.
(٢) البقرة : ٢٧٥.
(٣) بداية المجتهد : ٢ ـ ٢٩٦ والتهذيب : ٧ ـ ٣٧١ وسنن البيهقي : ٦ ـ ٧٩ و ٧ ـ ٢٤٩ وكنز العمال : ٤ ـ ٣٦٣ ولفظ الحديث في بعض المصادر : المسلمون.
(٤) سنن البيهقي : ٦ ـ ٣٩ ، باب الرهن غير مضمون ، وكنز العمال : ٦ ـ ٢٨٩.
(٥) سنن البيهقي : ٥ ـ ٣٢١ والتاج الجامع للأصول : ٢ ـ ٢٠٤ وكنز العمال : ٤ ـ ٩٣ وجامع الأصول : ١ ـ ٥٩٧ و ٥٩٨ وقال ابن الأثير في النهاية (مادة خرج) بعد نقل الحديث ما هذا نصه : يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة ، عبدا كان أو أمة أو ملكا ، وذلك أن يشتريه فيستغله زمانا ثم يعثر منه على عيب قديم لم يطلعه البائع عليه ، أو لم يعرفه ، فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن