المؤجر أو غيره ـ إلا أن يحدث فيما استأجره حدثا يصلحه ، بدليل الإجماع المشار إليه ، ولأنه لا خلاف في جواز ذلك بعد الحدث ، ولا دليل على جوازه قبله.
ولا بأس بذلك مع اختلاف الجنس ، مثل أن يستأجر بدينار ، فيؤجره بأكثر من قيمته من العروض ، لأن الربا لا يدخل مع الاختلاف ، ولأن الأصل في العقل والشرع جواز التصرف فيما يملك إلا لمانع.
وإذا ملك المستأجر التصرف بالعقد ، جاز أن يملكه لغيره ، على حسب ما يتفقان عليه ، من زيادة أو نقصان ، اللهم إلا أن يكون استأجر الدار على أن يكون هو الساكن ، والدابة على أن يكون هو الراكب ، فإنه لا يجوز ـ والحال هذه ـ إجارة ذلك لغيره على حال ، بدليل الإجماع المشار إليه.
والإجارة عقد لازم من كلا الجانبين ، لا ينفسخ إلا بحصول عيب من قبل المستأجر ـ نحو أن يفلس فيملك المؤجر الفسخ ـ أو من قبل المستأجر ـ مثل انهدام المسكن ، أو غرقه على وجه يمنع من استيفاء المنفعة ـ فيملك المستأجر الفسخ ، ويسقط عنه الأجرة ، إلى أن يعيد المالك المسكن إلى الحالة الأولى ، لأن المعقود عليه قد فات ، اللهم إلا أن يكون ذلك بتعدي المستأجر ، فيلزمه الأجرة والضمان.
وتنفسخ الإجارة بموت أحد المتعاقدين ، بدليل الإجماع الماضي ذكره ، لأن من خالف في ذلك من أصحابنا (١) لا يؤثر خلافه في دلالة الإجماع ، لما بيناه فيما مضى ، وأيضا فالمستأجر دخل على أن يستوفي المنفعة من ملك المؤجر ، وقد فات ذلك بموته ، وكذا إن كان المؤجر عقد على أن يستوفي المستأجر المنفعة لنفسه.
ولا يملك المستأجر فسخ الإجارة بالسفر ـ وإن كان ذلك بحكم الحاكم ـ ولا بغير ذلك من الأعذار المخالفة ، لما قدمنا ذكره ، مثل أن يستأجر جملا للحج
__________________
(١) الحلبي : الكافي ـ ٣٤٨.