وحملهم ذلك على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها غير صحيح ، لأن ذلك ليس بجمع بين الصلاتين ، وإنما هو فعل لكل صلاة في وقتها المختص بها ، وفي الخبر ما يبطل هذا التأويل وهو قوله : «لا لعذر» لأن فعل الصلاة في وقتها المختص بها ، لا يفتقر إلى عذر ، وبما روى من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فاتته صلاة العصر حتى غربت الشمس فكأنما وتر أهله وماله». (١) فعلق الفوات بالغروب ، وهذا يدل على أن ما قبله وقت الأداء ، وبما روى من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى (٢) ، لأنه يدل على أن وقت العصر لا يخرج حتى يدخل وقت المغرب.
فإن قيل : أليس قد ذهب بعض أصحابكم إلى أن آخر وقت الظهر أن يصير ظل كل شيء مثله؟ وآخر وقت العصر أن يصير ظل كل شيء مثليه؟ وآخر وقت المغرب غيبوبة الشفق ، وهو الحمرة؟ ووردت الرواية بذلك عن أئمتكم ، وهذا يقتضي خلاف ما ذكرتموه ، فكيف تدعون إجماع الإمامية عليه؟
قلنا : هذا التحديد لا ينافي ما ذكرناه ، لأنه إنما جعل لتفعل فيه النوافل والتسبيح والدعاء ، وذلك هو الأفضل ، فكان ذلك المقدار حدا للفضل لا للجواز.
وأما أوقات النوافل في اليوم والليلة فبيانها : أن وقت نوافل الظهر من زوال الشمس إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظل كل شيء مثله مقدار ما تصلى فيه أربع ركعات ، ووقت نوافل الجمعة قبل الزوال ، ووقت نوافل العصر من حين الفراغ من صلاة الظهر إلى أن يبقى من تمام أن يصير ظل كل شيء مثليه مقدار ما تصلى فيه أربع ركعات ، إلا في يوم الجمعة ، فإنها تقدم قبل الزوال ، كما قلناه في نوافل الظهر.
__________________
(١) الشافعي : الأم : ١ ـ ٧٣ كتاب الصلاة وقت العصر.
(٢) المبسوط للسرخسي : ١ ـ ١٤٥.