أوراقا ، لتكون مقدمة لاستدراك ما عساه يشذ عنى عاجلا ، ويقع إلىّ آجلا ، وإذا جاء شىء من كلامه عليه السلام الخارج فى أثناء حوار (١) أو جواب سؤال ، أو غرض آخر من الأغراض ـ فى غير الأنحاء التى ذكرتها ، وقررت القاعدة عليها ـ نسبته إلى أليق الأبواب به ، وأشدها ملامحة لغرضه (٢). وربما جاء فيما أختاره من ذلك فصول غير متّسقة ، ومحاسن كلم غير منتظمة ، لأنى أورد النكت واللّمع ، ولا أقصد التتالى والنسق. ومن عجائبه ، عليه السلام ، التى انفرد بها ، وأمن المشاركة فيها ، أن كلامه عليه السلام ، الوارد فى الزهد والمواعظ ، والتذكير والزواجر ، إذا تأمله المتأمل ، وفكر فيه المتفكر ، وخلع من قلبه أنه كلام مثله ممن عظم قدره ، ونفذ أمره ، وأحاط بالرقاب ملكه ، لم يعترضه الشك فى أنه من كلام من لاحظ له فى غير الزّهادة ، ولا شغل له بغير العبادة ، قد قبع فى كسر بيت (٣) أو انقطع فى سفح جبل ، لا يسمع إلا حسّه ، ولا يرى إلا نفسه ، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس فى الحرب مصلتا سيفه (٤) فيقطّ الرقاب ، ويجدّل
__________________
(١) بالفتح وبالكسر : المحاورة.
(٢) الملامحة : الابصار والنظر ، والمراد هنا المناسبة ، لأن من ينظر إلى شىء ويبصره كان كأنه يميل إليه ويلائمه.
(٣) قبع القنفذ ، كمنع : أدخل رأسه فى جلده ، والرجل أدخل رأسه فى قميصه أراد منه : انزوى. وكسر البيت : جانب الخباء ، وسفح الجبل : أسفله.
(٤) أصلت سيفه : جرده من غمده ، ويقط الرقاب : يقطعها عرضا. فان كان القطع طولا ، قيل : يقد. قال ابن عائشة : كانت ضربات على أبكارا إن اعتلى قد وإن اعترض قط. ومنه قط القلم