ورواية صالح بن رزين قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي إذا وجدت زكاتي أُخرجها فأدفع منها إلى من أثق به يقسّمها ، قال : «نعم ، لا بأس بذلك ، أما إنّه أحد المعطين» (١) ، إلى غير ذلك من الأخبار التي يجيء بعضها في مواضعها في مسألة نقل الزكاة إلى بلد آخر وغيرها.
وتُعتبر عدالة الوكيل ؛ ليكتفى بقوله «إنّي أدّيت» أو بمحض توكيله ؛ لتحصيل البراءة ، ودلالة الصحيحة المتقدّمة عليه ، وإشارة الرواية الأُخرى إليه.
وامّا جواز إخراج الإمام وعامله مع إذنه ؛ فهو أيضاً ممّا لا إشكال فيه ؛ لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، بل لا ريب في استحباب الحمل إليه أوّلاً ورجحانه ؛ لأنّه أبصر وأعرف بكيفيّة الإخراج والمستحقّ.
ويتأكّد في الأموال الظاهرة كالمواشي ، والغلات كما قالوه ، ولعلّه لإزالة التهمة ، والإعلان بشرائع الإسلام.
بل ذهب جماعة من الأصحاب إلى وجوب حمل الزكاة أوّلاً إلى الإمام ، ومع غيبته فإلى الفقيه المأمون (٢).
وربّما يُستدّل لهم بقوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) (٣) بتقريب أنّ وجوب الأخذ يستلزم وجوب الدفع.
وردّ : بأنّ المتنازع الحمل أوّلاً ؛ لأبعد الطلب ، والاستلزام إنّما هو في الثاني.
وفيه : أنّه لعلّ مراده أنّ ما يتعلّق به وجوب الأخذ فهو ممّا يجب إعطاؤه مطلقاً.
والأولى منع دلالة الآية على وجوب الأخذ مطلقاً ، بل إنّما هي مقصورة على شأن النزول ، أو على الممتنعين ، أو هو إنشاء حكم وتسنين شرع ، فلا يعمّ بعد تسنينه والتشرّع به.
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٧ ح ١ ، وفي الوسائل ٦ : ١٩٤ أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٥ ح ٤ إنّي إذا وجبت زكاتي أخرجتها.
(٢) كالمفيد في المقنعة : ٢٥٢ ، وأبي الصلاح في الكافي في الفقه : ١٧٢ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٧١ ، ١٧٥.
(٣) التوبة : ١٠٣.