رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنّه يتكلّف له نفقته وكسوته ، أتكون عليه فطرته؟ قال : «لا ، إنّما تكون فطرته على عياله صدقة دونه» وقال : «العيال : الولد ، والمملوك ، والزوجة ، وأُمّ الولد» (١) لمتروكيّتها ، والظاهر منها إرادة التمثيل ، مع أنّ مطلق الإنفاق ليس معنى العيلولة ، فلعلّه أُريد به الإهداء إليه ، لا بأن يكون في داره وينفق عليه كما هو الغالب ، فلا تنافي.
ثمّ إنّهم بعد اتّفاقهم على وجوب الفطرة عن الزوجة التي تجب نفقتها على الزوج ، إذا أعالها ، بل المعالة المتبرّع بإنفاقها وإن لم تجب نفقتها كالناشزة وغيرها ، اختلفوا في الزوجة الواجبة النفقة الغير المعالة ، وغير الواجبة النفقة الغير المعالة إذا لم يعلهما غير الزوج أيضاً ، فذهب الأكثر إلى وجوبها عن الأُولى ، ولم نقف لهم على دليل ؛ إذ لم يرد وجوب الزكاة عن الزوجة من حيث إنّها زوجة ، بل إنّما يستفاد من الأخبار اعتبارها من حيث إنّها عياله.
نعم في حسنة صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمّار ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : «الواجب عليك أن تعطي عن نفسك وأبيك وأُمّك وولدك وامرأتك وخادمك» (٢) ، وهي منزّلة على الغالب.
ونقل في الشرائع قولاً بأنّها لا تجب إلا مع العيلولة (٣) ، واختاره في المدارك (٤) ، ودليله مفهوم الأخبار المستفيضة المتقدّمة الدالّة على أنّها إنّما تجب عمّن يعوله ، فإنّ معناه من ينفق عليه ، لأمن تجب عليه نفقته.
وقال ابن إدريس بوجوبها عن الزوجة مطلقاً ، دائمةً كانت أو منقطعة ، مدخول بها كانت أو غير مدخول بها ، مطيعة كانت أو ناشزة ، وبالجملة من صدق عليها اسم
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١١٨ ح ٥٠٩ ، الوسائل ٦ : ٢٢٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٥ ح ٣.
(٢) التهذيب ٤ : ٧٤ ح ٢٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ ح ١٣٣ ، الوسائل ٦ : ٢٢٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٣ ح ٣.
(٣) الشرائع ١ : ١٥٩.
(٤) المدارك ٥ : ٣١٥.