ويحتمل أن يكون كلّ ما يحصل من عمالتهم من باب الأنفال ، كما مرّ فيما يغنم في عسكرهم من دار الحرب ، فيكون اكتفاء الإمام بالخمس من باب العفو والتحليل عن الباقي ، كما تدلّ عليه الرواية الأخيرة.
مع أنّ الرواية الأخيرة ربما كانت مبتنيةً على أنّ البحرين كانت من الأنفال ؛ لكون أرضه مما انجلى أهلها ، وكذلك البحر كما يستفاد من بعض الأخبار ، وكان حكم الأنفال في زمن الإمام أنّه لو تصرّف فيه متصرّف بإذن الإمام كان خمسه للإمام ، ولكن الإمام كان يتعامل معه معاملة الخمس كما يظهر من الكليني في الكافي (١) ، وإذا كان بغير إذن الإمام فالجميع للإمام ، وما ذكره رحمهالله مطابق للرواية وغيرها من الروايات (٢) ، وسيجيء تمام الكلام في الأنفال.
والحاصل : أنّ ما يمكن به الاستدلال في المسألة من الأخبار هو ما قدّمناه أوّلاً.
هذا كلّه إذا جهل مقدار الحرام رأساً وصاحبه قطعاً ، وهو المتبادر من الروايتين أيضاً ؛ إذ الظاهر من الفعل المنفي هو العموم ، فالمراد عدم المعرفة من جميع الوجوه.
ولكن كلمات كثير من علمائنا (٣) كظاهر صحيحة عمّار المتقدّمة (٤) مطلقة تقتضي وجوب الخمس وإن علم زيادة الحرام على الخمس ، أو على صورة غلبته على الحرام ، بل صرّح بعضهم بذلك كالمحقّق في المعتبر (٥) ؛ فإنّه قال : ولا يعتبر في غنائم دار الحرب ولا في الأرض التي ابتاعها الذميّ من المسلم ، ولا في المال المختلط حرامه بحلاله مقدار ، بل يجب فيه الخمس مطلقاً من غير تقدير.
قال الشيخ : إذا اختلط الحلال بالحرام حكم بالأغلب ، فإن كان الأغلب حراماً
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٣٨ ، قال : الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصّة ، فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس ، وللإمام خمس.
(٢) الوسائل ٦ : ٣٦٤ أبواب الأنفال ب ١.
(٣) الشرائع ١ : ١٦٤.
(٤) الخصال : ٢٩٠ ح ٥١ ، الوسائل ٦ : ٣٤٤ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٣ ح ٦.
(٥) المعتبر ٢ : ٦٢٧.