وإن دفعها إليهم طوعاً ويمكن (١) فرض عدم النيّة حينئذٍ مع ما أشرنا إليه من سهولة تحقّقها بأن ينوي الرياء حين الدفع أو شيئاً آخر. وعلى القول بوجوب الإخطار مقارناً له ففرضه واضح ففيه قولان ، فعن الشيخ أنّه لا يجزئ فيما بينه وبين الله ، غير أنّه ليس للإمام مطالبته بها دفعة ثانية (٢) ، ووجهه : أنّها عبادة تفتقر إلى النيّة ، والإمام ونائبه وكيل عن الفقراء ، فتلزم النيّة حين الدفع إليهم.
وذهب الفاضلان إلى الإجزاء (٣) ، ووجهه أنّ الإمام ونائبه نوّاب عن المالك أيضاً ، ويجوز في هذا الفعل النيابة ، فتكفي نيّتهم عنه ، وهذا النزاع في الإمام قليل الجدوى.
وأمّا لو أخذها الفقيه أو ساعيه أو آحاد من العدول من المؤمنين ، فالظاهر أنّهم إذا علموا بعدم نيّة المالك فيجب عليهم إعلام المالك وأمره بالنيّة ونهيه عمّا يخالفها ، حتّى تصدر الزكاة عنه مع النيّة.
ويقع الإشكال فيما لو كلّف الفقيه المالك بالزكاة وأعطاها طوعاً باسم الزكاة لكن علم الفقيه من حاله أنّه يقصد به الرياء أو شيئاً آخر ، ولا ينفعه الإعلام والنصح والوعظ ، ولا يبعد القول بالإجزاء بمعنى أنّه لا يكلّف بإعطائها ثانياً وإن لم يحصل للمالك ثواب فيه ، بل يعاقب على نيّته ، فيكون في حكم المأخوذ كرهاً ، بخلاف ما لو أعطاها بنفسه المستحقّ رياءً ، فإنّه لا يجزيه وتجب عليه إعادتها.
تنبيه :
يجب على الإمام والفقيه إجبار الممتنع على الزكاة والأخذ منه كُرهاً ، إقامةً للمعروف ، وإزاحةً للمنكر.
وهل يجوز ذلك لآحاد المؤمنين؟ الظاهر ذلك ؛ لعين ما ذكر.
__________________
(١) في «م» زيادة : عدم.
(٢) المبسوط ١ : ٢٣٣.
(٣) المحقّق في الشرائع ١ : ١٥٧ ، والعلّامة في التذكرة ٥ : ٣٣٢ ، والمنتهى ١ : ٥١٦.