قال الشهيد في البيان : وظاهر ابن الجنيد وابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع ، وأنّه لا خمس فيه ، والأكثر على وجوبه ، وهو المعتمد ؛ لانعقاد الإجماع عليه في الأزمنة التابعة لزمانهما واشتهار الروايات فيه (١) ، انتهى.
والحاصل أنّ رجحانه إجماعيّ ، ووجوبه مشهور مدّعى عليه الإجماع من غير واحد من العلماء (٢) ، وهو الحقّ.
لنا : قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) (٣) الآية استدلّ الأصحاب بها.
ويظهر منهم هنا وفي جميع أقسام ما فيه الخمس حيث استدلوا بالآية أنّ بناءهم على أنّ الآية غير مختصة بغنائم دار الحرب ، فما يوهمه قول المحقّق الطبرسي ، في أوّل كلامه (٤) أنّ المراد بالغنيمة هي غنيمة دار الحرب وأنّه مروي عن أئمتنا «من أنّ الآية مختصة بها ، ليس كذلك ؛ لأنّ مراده هنا بيان الفرق بين الغنيمة والفيء ، يعني : أنّ الغنيمة وإن كانت من حيث اللغة عامّة ، ولكن أُريد من الآية هنا بيان حكم ما أُخذ من أهل الحرب بالقتال ، لا بأن يكون اللفظ معناه ذلك فقط ، بل أُريد أنّ هذه الفائدة هي التي أراد الله تعالى بيان حكمها ، وهو ما أُخذ في القتال ، بقرينة ما قبل الآية وما بعدها ، لا ما يسمّى فيئاً من أفراد الغنيمة ، خلافاً لقوم من الجمهور حيث جعلوهما واحداً ، ولم يفرّقوا بين الفيء والغنيمة ، وادّعوا نسخ أية الفيء الّتي هي مذكورة في سورة الحشر وآية الأنفال بهذه.
والحاصل أنّ مراد الطبرسي أنّ أية الفيء والأنفال لم تنسخ ، والذي يقسّم على الأصناف هو ما أُخذ بالقتال ، وهذا لا ينافي عموم الآية لكلّ ما يسمّى غنيمة وفائدة.
ولعلّه أراد بما هو مرويّ عن أئمتنا «مثل ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان ، عن
__________________
(١) البيان : ٣٤٨.
(٢) كالشيخ في الخلاف ٢ : ١١٨ مسألة ١٣٩ ، والعلّامة في المنتهي ١ : ٥٤٨ ، والتذكرة ٥ : ٤٢١ والشهيد في البيان : ٣٤٨.
(٣) الأنفال : ٤١.
(٤) مجمع البيان ٢ : ٥٤٣.