بلزومه ، كما ذهب إليه جماعة (١) ، بعيد ؛ لبعد إرادة جنس البائع من اللفظ ، وعدم الفرق بين ما كان عليها أثر الإسلام وما لم يكن ، بل الظاهر أنّها كان عليها أثر الإسلام بقرينة زمان السؤال ، فلا يجب التعريف من باب اللقطة بعد إنكار الملّاك أيضاً مطلقاً.
والقول به كما قيل حملاً للرواية على ما لم يكن فيها أثر الإسلام ، مع أنّ الشائع من الدراهم في ذلك الزمان ما كانت بسكّة الإسلام بعيد ؛ لعدم انصراف أخبار اللقطة إلى ذلك ، وظهور الصحيحة في الحكم بالتملّك مطلقاً.
نعم وتعريفه أحوط ، ولم نقف على ما يدلّ على وجوب الخمس فيه ، إلا أنّه مشهور ، ولا وجه لإلحاقه بالكنز ، ويمكن إدراجه في الأرباح كما سيجيء (٢).
وذكر جماعة من الأصحاب أنّه لو ابتاع سمكة فوجد في جوفها شيئاً فهو له ، ولا يعرّفه البائع ، وعليه الخمس (٣) ؛ ولم نقف فيه على نصّ.
وذكروا في وجه الفرق بينه وبين سابقه : أنّ الظاهر في الدابة مع كون يد المالك عليها أنّها منه ، بخلاف السمكة ، فإنّها في الأصل من المباحات التي تملك بالحيازة ، والصياد إنّما حاز السمكة دون ما في بطنها ، وهذا مبني على اشتراط حصول الملك في الحيازة بالعلم والنية كما هو الأظهر ، وهما مفقودان هنا.
وقد يستشكل في إطلاق الحكم في المسألتين ؛ لأنّ الدّابة قد تكون محازة كالغزال المصطاد من الصحراء إذا باعه بدون أن يذهب به إلى بيته ، والسمكة قد تكون مملوكة كالواقعة في ماء محصور مملوك للبائع ، ولعلّ نظرهم في الإطلاق إلى الغالب.
ثمّ قد يستشكل في أنّ إطلاقهم يقتضي عدم كونه لقطة وإن وجد فيه أثر الإسلام ، وخصوص الرواية كان يرفع الإشكال في الدابة مطلقاً ، مع منع شمول أدلّة اللقطة له.
وأمّا في السمكة ؛ فإذا كان ذلك الشيء ممّا لم يعلم جريان يد عليه أصلاً كاللؤلؤ
__________________
(١) كالشهيد الثاني في الروضة البهيّة ٢ : ٦٩.
(٢) ص ٣١٦ و٣٢٥.
(٣) كالمحقّق في الشرائع ١ : ١٦٣ ، والسيّد في المدارك ٥ : ٣٧٣.