وقد لا يرفع ذلك نكاية الحرام الواقعي ، وكذلك إذا كان التكليف التصدّق بالزائد على الخمس أو الأقلّ فيخرج ذلك ثمّ يخمّس الحلال بحسبه ، يعني بحسب ما يعلم من حاله من كونه أكثر من الحرام أو أقلّ بحسب الظن ، أو البناء على المبرئ للذمّة يقيناً ، أو على ما يتيقن أنّه ليس أقل منه فيخمّس على مقتضاه.
وذلك لا يستلزم تكرار الخمس في مال واحد ، فخمس مال الحلال إنّما يتعلّق بذات المال الحلال ، وخمس المختلط إنّما يتعلّق بالحرام ، يعني هذا القدر من مجموع المالين هو عوض نفس الحرام والرافع لنكايته ، سواء كان مساوياً له في الواقع أو أزيد أو أنقص ، وإن كان ولا بدّ فليخمس ما بقي من بعد خمس الحلال.
وأمّا تخميس الباقي بعد الحلال المظنون كما ذكره رحمهالله فليس تخميساً لمجموع المال المختلط كما هو واضح.
وبالجملة : ما يتوهّم من بعض الأخبار ، أو ملاحظة ما ورد في الزكاة من عدم تعدّد الحقّ في المال (١) ليس دلالته فيما نحن فيه بأقوى من دلالة الأخبار على وجوب تخميس المجموع لأجل المختلط بالحرام ، بل الثاني أقوى.
نعم لو كان يقول : خمس الباقي بعد خمس الحلال المظنون ، لكان له وجه ، وإن كان الأوجه ما ذكرنا.
تنبيهان :
الأوّل : قال المحقّق في الشرائع : الخمس يجب في الكنز سواء كان الواجد له حرّا أو عبداً ، صغيرا أو كبيراً ، وكذا المعادن والغوص (٢). ومثل ذلك ذكر العلامة في الإرشاد (٣).
ويظهر منهما أنّه لا خمس على مال العبد والصغير بل والمجنون في غير الأصناف
__________________
(١) النهاية لابن الأثير ١ : ٢٢٤ ، الوسائل ٦ : ٦٧ أبواب من تجب عليه الزكاة ب ٧ ح ١.
(٢) الشرائع ١ : ١٦٤.
(٣) الإرشاد ١ : ٢٩٣.