احتاط في إخراج الحرام ، وكذا لو ورث ما لم يعلم أنّ المورث جمعه من محظور ومحلّل بأن غلب على ظنّه أو علم أنّ الأكثر حرام ؛ احتاط في إخراج الحرام منه ، وإن لم يتميز له أخرج الخمس وصار الباقي حلالاً (١).
وما ذكره الشيخ تفصيل لم تدلّ عليه الرواية ، فإن كانت عنده ثابتة فتفصيله غير لازم.
أقول : ويقرب من كلام الشيخ كلام ابن إدريس (٢) ، وكلامهما في التفصيل وإن كان أحسن من الإطلاق مطلقاً كما يظهر من المحقّق ، إلا أنّ الأولى ما ذكره جماعة من المحقّقين في التفصيل (٣) ، وهو أنّ وجوب إخراج الخمس إنّما هو إذا جهل القدر والمستحقّ من جميع الوجوه ، كما هو ظاهر الروايتين ، ولا يبعد تنزيل إطلاق الصحيحة على ذلك أيضاً.
أمّا إذا علم المالك والمقدار ، فلا ريب في وجوب الإيصال إليه.
وإن علم القدر معيّناً دون المالك ، فالأقوى وجوب التصدّق به عن المالك مع اليأس من المالك ، مساوياً كان لخمسة أو أزيد أو أنقص ؛ لعدم اندراجه في مدلول هذه الأخبار ، فيكون من باب المال المجهول المالك.
ومقتضى إطلاق فتاويهم والأخبار الواردة فيه التصدّق به ، ومقتضى بعض الأخبار الواردة فيها أنّها من باب الأنفال ، والظاهر في مثلها أيضاً في أمثال هذا الزمان جواز التصدّق.
ولا بأس بذكر بعض الأخبار ، وهو ما رواه في الكافي في الصحيح ، عن يونس ، قال : سألت عبداً صالحاً عليهالسلام ، فقلت : جعلت فداك كنّا مرافقين القوم بمكّة وارتحلنا عنهم وحملنا بعض متاعهم بغير علم وقد ذهب القوم ولا نعرفهم ولا نعرف أوطانهم وقد بقي المتاع عندنا ، فما نصنع به؟ قال : فقال : «تحملونه حتى تلحقوهم بالكوفة».
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٣٧.
(٢) السرائر ١ : ٤٨٧.
(٣) المسالك ١ : ٤٦٦ ، الرياض ٥ : ٢٤٧.