تصادم ذينك الظهورين من حيث اللفظ ، ومن حيث الحكمة ، وقطع النظر عن الظهور اللفظي ، فلا أقلّ من حصول الشك ، والأصل براءة الذمّة عن التكليف الزائد ، مع أنّ العام المخصّص بالمجمل لا حجية فيه في قدر الإجمال ، سيّما وفي الآية وعمومها إشكال قد مرّ وجهه. وفي الأخبار إشكالات من حيث السند والدلالة وغيرهما ، فلم تثبت حجية العام فيما يساوي المئونة من الأرباح مع وجود ما يكفيها أو بعضها من غيرها.
وأمّا قوله : إنّ ذلك يؤول إلى عدم الخمس إلى أخره ، فهو محض استبعاد ، ومنقوض بسقوط الزكاة عن زراعات السلاطين إذا كانت في غاية الكثرة إذا صارت بسبب كثرة المئونة أو قلّة نموّ الزرع بحيث لو وضع مئونة الزرع عنها لا يبقى إلا قليل بالنسبة إلى ما كان يعتاد حصوله وإن كان كثيراً في نفسه فتسقط الزكاة عن أموال كثيرة مع عدم الاحتياج إليها ، مع أنّه رحمهالله يقول بوضع مؤن الزراعة في الزكاة ، هذا.
ولكن الإنصاف بعد التأمّل التام ظهور ما ذكره المحقّق الأردبيلي رحمهالله سيّما بملاحظة رواية أبي عليّ بن راشد ، فإنّ قوله عليهالسلام «بعد مؤونتهم» (١) بيان لقوله «إن أمكنهم» أو بدل ، وهي مع أنّها لا يبعد أن تلحق بالصحاح منضمّة إلى ملاحظة الحكمة واستبعاد أن يجعل ذلك شرطاً مطرداً فيما لا يحتاج إليه أصلاً ، بل وظهور سائر الأخبار بعد التأمل ، وكذلك إطلاقات كلام السابقين ودعوى إجماعاتهم تكفي في خروج المبيّن عن الإجمال ، فتبقى عمومات الخمس بحالها.
فالأظهر أن تلاحظ المئونة من ذلك المال ويتمّم نقصه إن فرض النقص من الأرباح ، فإن فضل بعد ذلك شيء ففيه الخمس.
وأمّا دليل التقسيط ؛ فلعلّه تعارض دليلي المالين وتساويهما ، ولا ترجيح ، فيقسّم بينهما بالنسبة ، وقد عرفت الترجيح.
ثمّ إنّ الوجوه الثلاثة مفروضة في كلام الشهيد في الدروس في الطارف
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٢٣ ح ٣٥٣ ، الاستبصار ٢ : ٥٥ ح ١٨٢ ، الوسائل ٦ : ٣٤٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٨ ح ٣ قلت : الخمس في أيّ شيء؟ فقال : في أمتعتهم وضياعهم والتاجر عليه والصانع بيده.