.................................................................................................
______________________________________________________
عدم العلم بعد حصوله عمّا مَن شأنه أن يكون عالماً محتجّين بأنّ الواحد منّا لا يجد من نفسه أمراً زائداً على فقدان العلم حالة السهو ، فلا يكون معنىً وجودياً ، وإلى نحوه ذهب الفقهاء (١) فقالوا على ما قيل : إنّه عزوب المعنى عن القلب بعد خطوره بالبال. وهو بهذا المعنى مرادف للنسيان عندهم ، ويأتي له معنى آخر. وذهب آخرون (٢) منهم الجبائيان إلى أنّه ليس بعدم ملكة العلم وإنّما هو معنى من المعاني قائم بالنفس يضادّ العلم ، ثمّ اختلفوا ، فذهب بعضهم تارةً أنّه مقدور للعباد ولكنّه لا يصدر عنهم لفقد الدواعي ، وتارةً إلى أنّه غير مقدور عليه أصلاً ، وهو ظاهر قول الجبائيين.
وأمّا الشكّ فقد اختلفوا فيه أيضاً ، فذهب الجبائيان (٣) إلى أنّه معنى قائم بالنفس يضادّ العلم ، وذهب المحقّقون (٤) إلى أنّه عبارة عن سلب الاعتقاد وتردّد الذهن بين طرفي النقيض على التساوي أو تردّد الذهن في النسبة الإيجابية أو السلبية مع تصوّر الطرفين. وكذا قيل (٥) عند الفقهاء له عبارتان : إحداهما سلب الاعتقادين لثبوت شيء أو نفيه ، والثانية تساوي الاحتمالين.
وليعلم أنّ السهو قد يطلق على الشكّ ، لأنّ السهو سبب في الشكّ فاطلق اسم السبب على المسبّب. والسهو والشكّ ليسا من قبيل الاعتقاد كالوهم بخلاف الظنّ ، وأسباب السهو قد تكون من العبد لتقصيره في التحفّظ.
والغفلة عدم حصول الشيء بالبال وربّما يعبّر عنها بأنّها عدم التفطّن للشيء ، وهي أعمّ من السهو والنسيان.
__________________
(١) منهم السبزواري في الذخيرة : في أحكام الخلل ص ٣٦٧ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : في أحكام السهو ص ٣٤٠ السطر الأول.
(٢ و ٣ و ٤) نقل عنهم العلّامة في كشف المراد : المقصد الثاني المسألة الحادية والعشرون ص ٣٤٢.
(٥) منهم الأسترآبادي في المطالب المظفّرية : في السهو ص ١٢١ س ٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦) ، والسبزواري في الذخيرة : في أحكام السهو ص ٣٦٧ ، والبحراني في الحدائق : ج ٩ ص ١٦٠ ، والشهيد الثاني في الروض : في السهو ص ٣٤٠ س ٣.