.................................................................................................
______________________________________________________
بيان ذلك : إنّ السهو هو الغفلة عن الشيء مع بقاء صورته أو معناه في الخيال أو الذكر بسبب اشتغال النفس والتفاتها إلى مهمّاتها ، وأمّا النسيان فهو الغفلة مع انمحاء صورته أو معناه عن إحدى الخزانتين بالكلّية. وهذا مبنيّ على فرق الأوائل بين السهو والنسيان ، قالوا (١) : إنّ الأوّل زوال الصورة المدركة بالفتح عن القوّة المدركة بالكسر وثبوتها في الحافظة ، والثاني زوال الصورة المدركة عن القوّة المدركة والحافظة معاً ، ولهذا يحتاج تحصيل المنسي إلى تجشّم كسبٍ جديد.
إذا عرف هذا فليعلم أنّ الظنّ عندهم بمنزلة اليقين في أنّه لا تثبت له الأحكام الثابتة للسهو والشكّ من وجوب الإعادة أو الاحتياط أو سجود السهو أو التلافي أو غير ذلك. والمراد به في النصوص وكلام الأصحاب مطلق ترجيح أحد النقيضين فيكتفي فيه بأوّل مراتب الرجحان وهو يستلزم الاكتفاء بما هو أقوى. والسرّ في ذلك تعليق البناء في النصّ (٢) على وقوع الوهم ، والمراد به هنا الظنّ الّذي هو مطلق الترجيح ، وليس المراد به معناه المتعارف إجماعاً كما في «الروض (٣) ومجمع البرهان (٤)» فيصار به إلى المجاز وهو القدر الراجح مطلقاً أو إلى أقرب المجازات وهو أوّل مراتب الرجحان كما يعطي ذلك عبارة «المقنعة (٥) ونهاية الإحكام (٦) والدروس (٧) والذكرى (٨)» وبه صرّح جماعة من المتأخّرين (٩) ، ويزيد ذلك
__________________
(١) نقل عنهم العلّامة في كشف المراد : في المقصد الثاني ، المسألة الحادية والعشرون ص ٣٤٢.
(٢) وسائل الشيعة : ب ٧ من أبواب الخلل ج ٥ ص ٣١٦ ٣١٧.
(٣) روض الجنان : في السهو ص ٣٤٠ س ٢٢.
(٤) الموجود فى المجمع الموجود لدينا هو دعوى الاتفاق على إرادة الظنّ من الوهم لا الإجماع ، فراجع مجمع الفائدة والبرهان : في السهو ج ٣ ص ١٢٧.
(٥) المقنعة : في أحكام السهو ص ١٤٥ ١٤٦.
(٦) نهاية الإحكام : في الشك ج ١ ص ٥٣٩.
(٧) لم نعثر عليه في الدروس ، نعم نقله عنه في الذخيرة : ص ٣٦٧ س ٣٦.
(٨) ذكرى الشيعة : في الشكّ ج ٤ ص ٥٤.
(٩) منهم الشهيد الثاني في الروض : ص ٣٤٠ ، والسيّد في المدارك : ج ٤ ص ٢٦٢.