.................................................................................................
______________________________________________________
بما ذكره في «المعتبر (١)» فتدبّر هذا حال فتاواهم وإجماعاتهم.
والّذي يؤيّد ما قلناه أنّ كتب المتقدّمين وأدلّتهم وإجماعاتهم بمرأى من المتأخّرين وقد اتفقوا على مخالفتهم ، فلو لا أنّهم علموا أنّ الحال في ذلك ليس كذلك لما أقدموا على المخالفة ، ويظهر للمتتبّع ندرة كون الحقّ مع المتقدّمين حيث يختلفون ، وناهيك مسألة ماء البئر فقد ادّعى المتقدّمون على نجاسته بالملاقاة ما يزيد على أربعة عشر إجماعاً (٢) ، ومع ذلك أطبق المتأخّرون على خلافهم.
هذا كلّه على تقدير تسليم أنّ المتقدّمين جميعاً مخالفون ، وإلّا فقد عرفت (٣) أنّ خمسة عشر فقيهاً منهم على المواسعة.
ويؤيّد ما قلناه إطباقهم جميعاً على أنّ القاضي للفوائت الأفضل له أن يؤذّن ويقيم لكلّ صلاة ، مع أنّ أخبارهم لا تنهض بذلك كما اعترف به جماعة (٤) منهم ، مع تصريحهم (٥) بجواز قصرهما في السفر وسقوطهما في مواضع اخر ، وما ذاك إلّا لأنّ الأمر أوسع ممّا ذكره أصحاب المضايقة. فإن قلت : الأذان والإقامة من الصلاة ، قلنا : ليسا من الصلاة قطعاً وإنّما هما من مقدّماتها ، سلّمنا أنّهما منها لكن رأيناهم جوّزوا الاقتصار على الحمد للمستعجل والمضطرّ ، وحكم جماعة (٦) بالاقتصار على أقلّ الواجب عند الضيق ، فليتأمّل.
وأمّا أخبارهم فالاستدلال بها لا بدّ وأن يكون متوقّفاً على أنّ المراد بالوقت فيها وقت الإجزاء ، وعلى أنّ الأمر للفور أو على أنّ التضييق نشأ من التقييد بوقت
__________________
(١) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٨ ٤٠٩.
(٢) تقدّم في : ج ١ ص ٣٢٠ ٣٢٥.
(٣) تقدّم في ص ٦١٦ وما بعدها.
(٤) منهم السيّد في المدارك : في الأذان والإقامة ج ٣ ص ٢٦٢ ، والسبزواري في الذخيرة : في الأذان والإقامة ، ص ٢٥٣ س ١٥ ، والشهيد الثاني في المسالك : في الأذان والإقامة ج ١ ص ١٨٢.
(٥) كالعلّامة في النهاية : ج ١ ص ٤١٢ ، والبحراني في الحدائق : ج ٧ ص ٧.
(٦) منهم العلّامة في تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ١٣١ ، والسيّد في المدارك : ج ٣ ص ٣٤٧ ، والعجلي في السرائر : ج ١ ص ٢٢٢.