الوزير أبو المعالي سعيد بن علي بن حديدة ، فحضر الجمعة ومعه العدول وأتباع مجلس الحكم ممن كتب عهده وقرىء ، وخلع عليه في الشهر المذكور ، فلم يزل على حكمه وقضائه : يسمع الشّهادات ، ويثبّت الحقوق ، ويقبل الشّهود ، إلى أن عزل يوم الاثنين ثاني عشري (١) جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمس مئة بمحضر من القضاة والعدول والفقهاء عند أستاذ الدّار العزيزة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ أبي المظفر عبيد الله بن يونس بسبب كتاب أثبته باسم الحسن بن زركمل (٢) الإستراباذي التّاجر على فاطمة بنت محمد بن حديدة ، زوجة أبي المعالي بن حديدة الذي كان وزيرا ، بشهادة أحمد بن عليّ بن كردي ومحمد بن محمد ابن المهتدي ، وكان الكتاب مزوّرا على المرأة المذكورة. وتولّى إثباته أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحرّاني ، وكان أحد العدول ، وأقرّ أنه مزوّر وأن قاضي القضاة ارتشى على إثباته من الحسن الإستراباذي خمسين دينارا وثيابا. فسئل العباسي عن ذلك ، فأنكر وقال : هذا سجلي ، وثبت عندي بشهادة الشاهدين المذكورين ، فحضر محمد بن محمد ابن المهتدي وأنكر أنّه شهد على المرأة المذكورة وأنه شهد عند العباسي به. فاستفتي الفقهاء الحاضرون : إذا أنكر الشّاهد أنه شهد عند الحاكم بشيء ، هل القول قوله أو قول الحاكم؟ فأفتوا أن القول قول الشّاهد. وأكد ذلك شهادة ابن الحرّاني عليه : أنّه مزوّر ، وأنه ارتشى على إثباته للزّور. فعزله (٣) أستاذ الدّار ، يومئذ ، بمحضر من الجمع ، وأمر برفع طيلسانه ، وانفصل الجمع ووكّل به أياما ، ثم أفرج عنه. وحضر الشاهد الآخر ، وهو أحمد بن عليّ بن كردي ، فأنكر شهادته كما أنكرها ابن المهتدي. وعزل ابن الحرّاني المذكور أيضا ، وشاهدان كان خطّهما على ظهر السّجل
__________________
(١) في العقد الثمين : «عشر» وهو وهم لأنه لا يصادف يوم اثنين.
(٢) في العقد الثمين : «زركل» تصحيف.
(٣) في العقد الثمين : «فعزل» ولا يصح ذلك لأن أستاذ الدار لم يعزل.