ذكره ، ونبه بالشّعر قدره ، وحسن به حاله وأمره ، وطال في نظم القريض عمره ، وساعده على قوله زمانه ودهره. أكثر القول في الغزل والمدح وفنون المقاصد. وكان سهل الألفاظ ، صحيح المعاني ، يغلب على شعره وصف الحب والشّوق وذكر الصّبابة والغرام ، فعلق بالقلوب ، ولطف مكانه عند أكثر النّاس ، ومالوا إليه ، وتحفّظوه وتداولوه بينهم ، واستشهد به الوعّاظ واستحلاه السّامعون حتى بلغني أنه حكى ، أعني أبا الغنائم ابن المعلّم ، ولم أسمعها منه ، قال : اجتزت يوما ببغداد على باب بدر المحروس ، والنّاس مزدحمون هناك غاية الزّحام ، فسألت عما ازدحموا عليه فقيل لي هذا الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي الواعظ جالس هاهنا ، ولم أكن علمت بجلوسه ، فتقدمت وزاحمت حتى شاهدته ، وسمعت كلامه وهو يعظ ويذكّر حتى قال مستشهدا على بعض إشاراته : ولقد أحسن ابن المعلّم حيث يقول :
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم |
|
طيبا ويحسن في عيني مكرّره |
فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بهذا البيت ، وهو لي ، وما يعلم أني حاضر ولا أحد من الحاضرين ، فانكفيت.
ولقد سمعت أبا عبد الله محمد بن يوسف الأرّجاني ببغداد يقول : قال لي إنسان بسمرقند ، وقد جرى ذكر أهل العراق ولطافة طباعهم ، ورقّة ألفاظهم : كفى أهل العراق أن منهم من يقول :
تنبّهي يا عذبات الرّند |
|
كم ذا الكرى هبّ نسيم نجد (١) |
وكرّر البيت تعجبا منه ، من لطافته وعذوبة لفظه وهو لابن المعلّم مبدأ قصيدة مدح بها إنسانا يعرف بهندي بنى القصيدة على هذه القافية لأجل اسمه.
كان شيخنا أبو الغنائم ابن المعلّم حسن المجالسة ، كثير المحفوظ ، عذب
__________________
(١) هذا مطلع قصيدة أوردها الصفدي في الوافي ٤ / ١٦٧.