الإيراد ، عارفا بمعاني الشّعر ، لا تمل مجالسته ، ولا يشبع من مفاكهته. سمعنا منه أكثر شعره بمنزله وقريته وبواسط لفظا وقراءة. فمما قرأنا عليه من جملة قصيدة مدح بها الأجل أبا غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين لما تولّى النّظر بديوان واسط المعمور في سنة سبعين وخمس مئة :
يا مبيح القتل في دين الهوى |
|
أنت من قتلي في أوسع حلّ |
اغضض الطرف فنيران الهوى |
|
لم تدع لي كبدا ترمى بنبل |
هبك أغليت وصالي ضنّة |
|
منك بالحسن فلم أرخصت قتلي؟ |
وفؤادي ابتعت منّي قتله |
|
وهو بعضي لم تصرّفت بكلّي؟ |
فلحبي لك أحببت الضّنى |
|
لست بالطّالب برئي من معلّي |
وأنشدنا أيضا لنفسه من قصيدة :
يا نازلين الحمى رفقا بقلب فتى |
|
إن صاح بالبين داع باح مضمره |
مقسّما ، حذر الواشي يغيب به |
|
عنه ، وأمن الهوى العذريّ يحضره |
كم تستريحون عن صبحي وأتعبه |
|
وكم تنامون عن ليلي وأسهره |
لا تحسبوا الصّدّ عن عهد يغيّرني |
|
غيري ملازمة البلوى تغيّره |
فما ذكرتكم إلّا وهمت جوى |
|
وآفة المبتلى فيكم تذكره |
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم |
|
طيبا ويحسن في عيني مكرّره |
وتستلذّ الصّبا نفسي وقد علمت |
|
أن لا تمرّ بصاف لا تكدّره |
سلا بوجدي عن قيس ملوّحه |
|
وعن جميل بما ألقى معمّره |
سألت أبا الغنائم ابن المعلّم عن مولده ، فقال : ولدت في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة إحدى وخمس مئة.
وتوفّي في رابع رجب سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة بالهرث قريته التي كان يسكنها.