نفسَه (٦٨ / ا) ولسانه ، أي لا يبتَذِله (١) فيما لا يَعنيه. وعليه قوله تعالى : «ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ (٢)» ، في أحد الأوجُه أي صُونوها ولا تبتذِلوها ، والغَرض صَونُ المُقْسَم به (٣) عن الابتذال. وبيانُه في قوله [تعالى](٤) : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) (٥) أي معرَّضاً لها فتبتذِلوه (٦) بكثرة الحلِف به لأنه أمرٌ مذموم [ولذا قال الله تعالى : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) (٧).
فجعل الحَلّاف عُنوانَ الأوصاف المذمومةِ](٨) ويعضُد هذا الوجهَ مجيئه بالواو (٩) دون الفاء ، وعليه بيت كُثيّر :
قليلُ الألايَا ، حافظٌ ليمينِه |
|
وإن بدَرتْ منه الأليّة بَرَّتِ (١٠) |
أي لا يُولِي أصلاً بل يتحفّظ ويَتصوَّن ، ألا تَرى كيف قرّرَ بذلك أن القِلّة فيه بمعنى العدَم كما في بيت الحماسة :
قليلُ التشكّي للمُهِمّ يُصيبه |
|
كَثيرُ الهوى شَتَّى النوى والمسَالِك (١١) |
وبهذا دخل البيتان في باب المدح ، على أنك لو حَملْت القلّة على الإثبات ، والحِفظَ على مراعاة اليَمين لأداء الكفَّارة كما زعموا لم تَحْلَ بطائل قطّ من قوله : «وإن بدَرتْ» ، وهذا ظاهر لمن تأمل.
و «بدرت» ، بالباء ، من قولهم : بدَر منه كلام ، أي سبَق ، والبادرة : البديهة.
__________________
(١) في هامش الأصل : «لا يبتذلهما».
(٢) المائدة ٨٩.
(٣) وهو الله سبحانه.
(٤) من ع. وفي ط : قول الله تعالى.
(٥) البقرة ٢٢٤.
(٦) قوله : فتبتذلوه» ليس في ع.
(٧) القلم ١٠.
(٨) ما بين مربعين من هامش الأصل عن نسخة أخرى. وهو مثبت في ط وأوله : «ومنه قوله تعالى ...».
(٩) يعني قوله : واحفظوا.
(١٠) العجز ساقط من ع. والبيت في ديوان كثير ٢ / ٢٢٠ «ط : ١٩٣٠» واللسان «ألو» وطلبة الطلبة «٦١».
(١١) عجزه ليس في ع. والبيت لتأبط شراً من قصيدة في الحماسة «١ / ٩٤ «مرزوقي».