فولي شهرين ، ثم قدم عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي من قبل عبيد الله بن الحبحاب صاحب إفريقية ، فدخلها سنة ثلاث عشرة ، وغزا الإفرنجة ، وكانت له فيهم وقائع ، وأصيب عسكره في رمضان سنة أربع عشرة ، في موضع يعرف ببلاط الشهداء ، وبه عرفت الغزوة ، وكانت ولايته سنة وثمانية أشهر ، ثم ولي عبد الملك بن قطن الفهري ، وقدم في رمضان سنة أربع عشرة فولي سنتين. ـ وقال الواقدي : أربع سنين ـ وكان ظلوما جائرا في حكومته ، وغزا أرض البشكنس سنة خمس عشرة ومائة ، فأوقع بهم وغنم ، ثم عزل في رمضان سنة ست عشرة ، وولي عقبة بن الحجاج السّلولي من قبل عبيد الله بن الحبحاب ، فأقام خمس سنين محمود السّيرة مجاهدا مظفّرا ، حتى بلغ سكنى المسلمين أربونة ، وصار رباطهم على نهر ردونة (١). ثم وثب عليه عبد الملك بن قطن الفهري سنة إحدى وعشرين ، فخلعه وقتله. ويقال : أخرجه من الأندلس وولي مكانه إلى أن دخل بلج بن بشر بأهل الشام سنة أربع وعشرين ، فغلب عليه ، وولي الأندلس سنة أو نحوها» ..
وقال الرازي : ثار أهل الأندلس بأميرهم عقبة في صفر سنة ثلاث وعشرين في خلافة هشام بن عبد الملك ، وولّوا عليهم عبد الملك بن قطن ولايته الثانية ، فكانت ولاية عقبة ستة أعوام وأربعة أشهر. وتوفي بقرمونة في صفر سنة ثلاث وعشرين ، واستقام الأمر لعبد الملك. ثم دخل بلج بن بشر القشيري (٢) بجند الشام ناجيا من وقعة كلثوم بن عياض مع البربر بملوية ، فثار على عبد الملك ، وقتله وهو ابن سبعين سنة ، واستوثق له الأمر بعد مقتل عبد الملك ، وانحاز الفهريون إلى جانب ، فامتنعوا عليه ، وكاشفوه ، واجتمع إليهم من أنكر فعلته بابن قطن ، وقام بأمرهم قطن وأميّة ابنا عبد الملك بن قطن ، والتقوا ، فكانت الدائرة على الفهريين ، وهلك بلج من الجراح التي نالته في حربهم ، وذلك سنة أربع وعشرين لسنة أو نحوها من إمارته ، ثم ولي ثعلبة بن سلامة الجذامي ، وغلب على إمارة الأندلس بعد مهلك بلج ، وانحاز عنه الفهريون فلم يطيعوه ، وولي سنتين أظهر فيهما العدل ودانت له الأندلس عشرة أشهر ، إلى أن مالت به العصبية في يمانيته ، ففسد أمره ، وهاجت الفتنة. وقدم أبو الخطّار حسام بن ضرار الكلبي من قبل حنظلة بن صفوان عامل إفريقية ؛ ركب إليها البحر من تونس سنة خمس وعشرين ، فدان له أهل الأندلس وأقبل إليه ثعلبة وابن أبي نسعة وابنا عبد الملك ، فلقيهم وأحسن إليهم ، واستقام أمره. وكان شجاعا كريما ذا رأي وحزم ، وكثر أهل الشام عنده ، ولم تحملهم قرطبة ، ففرّقهم في البلاد ، وأنزل أهل دمشق إلبيرة لشبهها بها ، وسمّاها دمشق ، وأنزل أهل حمص إشبيلية ، وسمّاها حمص ، وأهل قنّسرين جيّان ، وسمّاها قنّسرين ، وأهل الأردنّ ريّة
__________________
(١) في ب : رودنة.
(٢) في ب : بقرقشونة.