المغاربة ، وبايعوا المرتضى أخا المهدي ، ثم اغتيل المرتضى ، واستقام الملك لعلي بن حمّود نحو عامين ، إلى أن قتلته صقالبته بالحمّام سنة ثمان وأربعمائة ، فولي مكانه أخوه القاسم ، وتلقّب بالمأمون ، ونازعه الأمر بعد أربع سنين من خلافته يحيى ابن أخيه ، وكان على سبتة ، فأجاز إلى الأندلس سنة عشر ، واحتلّ بمالقة وكان أخوه إدريس بها منذ عهد أبيهما ، فبعثه إلى سبتة ، ثم زحف يحيى إلى قرطبة فملكها سنة ثنتي عشرة وأربعمائة ، وتلقب المعتلي ، وفرّ عمّه المأمون إلى إشبيلية وبايع له القاضي ابن عباد ، واستجاش بعض البرابرة ، ثم رجع إلى قرطبة سنة ثلاث عشرة وملكها ، ثم لحق المعتلي بمكانه من مالقة ، وتغلّب على الجزيرة الخضراء ، وتغلّب أخوه إدريس على طنجة من وراء البحر ، وكان المأمون يعتدّها حصنا لنفسه ، وفيها ذخائره ، فلمّا بلغه الخبر اضطرب ، وثار عليه أهل قرطبة ، ونقضوا طاعته ، وخرج فحاصرهم فدافعوه ، ولحق بإشبيلية فمنعوه ، وكان بها ابنه فأخرجوه إليه ، وضبطوا بلدهم ، واستبدّ ابن عباد بملكها ، ولحق المأمون بشريش ، ورجع عنه البربر إلى يحيى المعتلي ابن أخيه ، فبايعوه سنة خمس عشرة ، وزحف إلى عمّه المأمون فتغلّب عليه ولم يزل عنده أسيرا وعند أخيه إدريس بمالقة إلى أن هلك بمحبسه سنة سبع وعشرين ، وقيل : إنه خنق كما سيأتي ، واستقلّ المعتلي بالأمر ، واعتقل بني عمّه القاسم. وكان المستكفي من الأمويين استولى على قرطبة في هذه المدّة عندما أخرج أهلها العلوية ، ثم خلع أهل قرطبة المستكفي الأموي سنة ست عشرة ، وصاروا إلى طاعة المعتلي ، واستعمل عليهم ابن عطّاف من قبله ، ثم نقضوا سنة سبع عشرة ، وصرفوا عاملهم ، وبايعوا للمعتدّ بالله الأموي أخي المرتضى ، وبقي المعتلي يردّد لحصارهم العساكر إلى أن اتفقت الكلمة على إسلام الحصون والمدائن له ، فعلا سلطانه ، واشتدّ أمره إلى أن هلك سنة تسع وعشرين ؛ اغتاله أصحابه بدسيسة ابن عبّاد الثائر بإشبيلية ، فاستدعى أصحابه أخاه إدريس بن علي [بن حمّود] من سبتة ، وملّكوه ، ولقّبوه المتأيّد ، وبايعته رندة وأعمالها وألمريّة والجزيرة الخضراء ، وبعث عساكره لحرب أبي القاسم إسماعيل بن عبّاد والد المعتضد بن عباد ، فجاؤوه برأسه بعد حروب ، وهلك ليومين بعد ذلك سنة إحدى وثلاثين ، وبويع ابنه يحيى ، ولم يتمّ له أمر ، وبويع حسن المستنصر بن المعتلي ، وفرّ يحيى إلى قمارش فهلك بها سنة أربع وثلاثين ، ويقال : إنه قتله نجا ، وهلك حسن مسموما بيد ابنة عمه إدريس ، ثأرت منه بأخيها ، وكان إدريس بن يحيى المعتلي معتقلا بمالقة فأخرج بعد خطوب وبويع بها ، فأطاعته غرناطة وقرمونة ، ولقّب العالي ، وهو الممدوح بالقصيدة المشهورة بالمغرب التي قالها فيه أبو زيد عبد الرحمن بن مقانا القبذاقي (١) الأشبوني من شعراء الذخيرة ، وهي : [الرمل]
__________________
(١) في أ: الفنداقي.