معانيه الرياض ، لأجل هذا |
|
سرت ألفاظه مثل النسيم |
ومباهيه النجوم ، ومضاهيه الغيث السّجوم ، إلى آباء يحسدهم القمر (١) والشمس ، وإباء لو كان للمشرفيّ لما تحيّفه لمس (٢) ، وشرف لا مدّعى ولا منتحل ، وهمّة لو نالها البدر لاستخذى له زحل ، وبراعة أرهفت سنان قلمه ، ويراعة سارت أمراؤها تحت علمه ، فكم فتح بفكره أقفالها ، ووسم بذهنه الثاقب أغفالها ، وسبك معانيها في قالب قلبه إبريزا ورقم بيان لسانه برود إحسانه بلفظه البديع تطريزا ، فرفع في ميدان الإجادة لواؤه ، وأتيح من أنهار البراعة العذبة إرواؤه ، ونال سبقا وتبريزا : [الوافر]
وما زمن الشّباب وأنت تجري |
|
مع الأحباب في لهو وطيب |
ووصل من حبيب بعد هجر |
|
بأحلى من كلام ابن الخطيب |
فقصائده أرخصت جواهر البحور ، المنظومة في قلائد اللّبّات والنحور ، من حسان العقائل الحور : [الطويل]
معان وألفاظ تنظّم منهما |
|
عقود لآل في نحور الشمائل |
وزهر كلام كالحدائق نسجه |
|
غنينا به عن حسن زهر الخمائل |
وكلماته غدت للإبداع إقليدا (٣) ، وجمعت طريفا من البلاغة وتليدا : [المتقارب]
كسون عبيدا ثياب العبيد |
|
وأضحى لبيد لديها بليدا (٤) |
ومقطّعاته ألذّ في الأسماع ، من مطرب السماع ، وأبهى في الأحداق والنواظر ، من الحدائق ذوات الأغصان الملد النّواضر ، يعترف بفضلها من انتحل الإنصاف دينا ، وانتخل الأوصاف فاختار العدل منها خدينا : [الوافر]
رقيقات المقاطع محكمات |
|
لو ان الشّعر يلبس لارتدينا |
ورسائله كنقط العروس اللائحة في البياض ، أو كوشي الربيع أو قطع الرياض ، برزت أغصانها الحالية وتبرّجت ، وتضوّعت أفنانها العالية وتأرّجت ، وقد ألبسها القطر زهرا ، وفجّر خلالها نهرا ، فأخذت زخرفها وازّيّنت ، ولاحت محاسنها غير محتجبة وتبيّنت ، فبهرت من لها قابل ، أستغفر الله لا بل : [البسيط]
__________________
(١) في ب : البدر.
(٢) المشرفيّ : السيف ، نسب إلى مشارف اليمن ، وتحيّفه : نقصه وجار عليه.
(٣) الإقليد : المفتاح.
(٤) عبيد : هو عبيد بن الأبرص ، ولبيد هو لبيد بن أبي ربيعة ، وهما شاعران من فحول شعراء الجاهلية.