هي الحديقة إلّا أنّ صيّبها |
|
صوب النّهى وجناها زهرة الكلم |
وقوافيه ، ريشت بها قوادم الإتقان وخوافيه ، بنان مجاريها يستدثر (١) الحصر ، وباع مباريها يستشعر القصر : [الخفيف]
خطّها روضة ، وألفاظها الأز |
|
هار يضحكن ، والمعاني ثمار |
تبدي لمبصرها وتري ، ما قاله أبو عبادة البحتري (٢) : [الخفيف]
وكلام كأنه الزهر النا |
|
ضر في رونق الربيع الجديد |
مشرق في جوانب السّمع ما يخ |
|
لقه عوده على المستعيد |
ومعان لو فصّلتها القوافي |
|
هجّنت ما لجرول من نشيد (٣) |
حزن مستعمل الكلام اختيارا |
|
وتجنّبن ظلمة التعقيد |
بل هي أجلّ مما وصف عند التحقيق ، وإمعان النظر الصحيح والتدقيق : [الخفيف]
أين زهر الرياض وهو إذا ما |
|
طال عهدا بالغيث عاد هشيما |
من قواف كأنها الأنجم الزّه |
|
ر سناها زان الظلام البهيما |
وناهيك بمن أطلعته العلوم على جلائلها ودقائقها ، وأرته الفنون ما شاء من يانعات حدائقها ، وحبته (٤) الحكم الرياضية بأزاهرها ، وشقائقها ، وأرضعته الوزارة من ثديّها ، وحلّت به الإمارة صدر نديّها (٥) ، وجعلته المرجوع إليه في تمييز جيّد الأمور ورديّها ، فغرس في أرض الرياسة من نخل السياسة ووديّها (٦) ، وأعلى علم العدل وأغمد سيف الانتقام ، ودفع تنّين الفتنة الذي فغر فاه للالتقام ، والعهد إذ ذاك قريب ، في وطن الأندلس الغريب ، باختلال الحال ، وتوالي الإمحال ، والتجرّي على قتل الملوك ، والتحرّي لقطع الطرق ومنع السلوك ، حيث أهواء المارقين ذات افتراق ، وضلوع الصادقين في قلق واحتراق ، وأيدي الإحن (٧) باطشة ، وسيوف المحن إلى الدماء عاطشة ، وعرش الحماية مثلول ، وصارم الكفاية مفلول ، ونطاق
__________________
(١) في ب : نبال مجاريها تستدثر.
(٢) هو الشاعر العباسي الشهير والذي قيل في شعره : شعره سلاسل الذهب ، وقيل فيه أيضا : أراد أن يشعر فغنّى.
(٣) جرول : هو الحطيئة الشاعر المخضرم المعروف.
(٤) في ب : وحيّته.
(٥) النديّ : مجتمع القوم.
(٦) الوديّ : بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء ـ صغار الفسيل (النخل).
(٧) الإحن : الأحقاد ، والضغائن.