وبعد التنائي صرت أرتاح للصّبا |
|
لأنّ الصّبا تسري بعاطر ريّاه (١) |
فلله عهد قد أتاح بجلّق |
|
سرورا فحيّاه الإله وحيّاه (٢) |
واستحضرت عند جدّ السّير ، قول صفوان بن إدريس المرسيّ ذكره الله تعالى بالخير : [الخفيف]
أين أيامنا اللّواتي تقضّت |
|
إذ زجرنا للوصل أيمن طير |
ثم قول غيره ممّن حنّ وأنّ ، وقلق قلبه وما اطمأنّ : [الوافر]
أحنّ إلى مشاهد أنس إلفي |
|
وعهدي من زيارته قريب |
وكنت أظنّ قرب العهد يطفي |
|
لهيب الشوق فازداد اللهيب |
وربما تجلّدت مغالطا ، متعلّلا بقول من كان لإلفه مخالطا : [الوافر]
حضرت فكنت في بصري مقيما |
|
وغبت فكنت في وسط الفؤاد |
وما شطّت بنا دار ولكن |
|
نقلت من السّواد إلى السّواد |
وقول غيره : [البسيط]
وكن كما شئت من قرب ومن بعد |
|
فالقلب يرعاك إن لم يرعك البصر |
وبقول الوداعي : [السريع]
يا عاذلي في وحدتي بعدهم |
|
وأنّ ربعي ما به من جليس |
وكيف يشكو وحدة من له |
|
دمع حميم وأنين أنيس (٣) |
ثم ردّدت هذه الطريقة ، بقول بعض من لم يبلعه السلوّ ريقه (٤) : [الخفيف]
لا رعى الله عزمة ضمنت لي |
|
سلوة القلب والتصبّر عنهم |
ما وفت غير ساعة ثم عادت |
|
مثل قلبي تقول لا بدّ منهم |
ويقول ابن آجروم (٥) ، في مثل هذا الغرض المروم : [البسيط]
__________________
(١) التنائي : التباعد. والرّيّا : الريح الطيبة العطرة.
(٢) في ب : فحيّاها.
(٣) دمع حميم : حار. وفي البيت تورية.
(٤) أخذ هذا من قولهم : أبلعني ريقي ، بمعنى تأنّ عليّ وتمهّل.
(٥) هو محمد بن محمد بن داود الصنهاجي مؤلف الآجرومية في النحو ت ٧٢٣ ه (انظر : بغية الوعاة ١ : ٢٣٨).