وحيّا الحيا من ساكني الحيّ أوجها |
|
سفرن بأنوار زواه زواهر |
بحيث زمان الوصل غضّ وروضه |
|
أريض بأزهار بواه بواهر |
وحيث جفون الحاسدين غضيضة |
|
رمقن بآماق سواه سواهر |
ثم حاولت خاطري الكليل ، فيما يشفي بعض الغليل ، فقال على طريق التضمين ، وقد غلب عليه الشوق والتخمين : [الرمل]
بأبي من أودعوا مذ ودّعوا |
|
قلبي الشّوق وللعيس ذميل |
جيرة غرّ كرام خيرة |
|
كلّ شيء منهم يبدو جميل |
وعلى الجملة ما لي غيرهم |
|
لو أرادوا أن يملّوا أو يميلوا |
ثم قلت وقد سدّد التنائي إليّ نبله ، موطّئا للبيت الثالث كما في الأبيات قبله : [الخفيف]
يا دمشقا حيّاك غيث غزير |
|
ووقاك الإله ممّا يضير |
حسنك الفرد والبدائع جمع |
|
متناه فيه فعزّ النظير |
أين أيامنا بظلّك والشّم |
|
ل جميع ، والعيش غضّ نضير |
ثم أكثرت الالتفات عن اليمين وعن الشمال ، وقد شبّهت البيداء والشوق ببدل الكل والاشتمال ، وتنسّمت من نواحي تلك الأرجاء أريج الشّمال (١) ، وضمّنت في المعنى قول بعض من ثنى الحبّ عطفه وأمال : [الطويل]
تنسّمت أرواحا سرت من ديار من |
|
بهم كان جمع الشّمل لمحة حالم |
وجاوبت من يلحى على ذاك جاهلا |
|
بقول لبيب بالعواقب عالم |
وما أنشق الأرواح إلّا لأنّها |
|
تمرّ على تلك الرّبا والمعالم |
وما أحسن قول الآخر : [الطويل]
سرت من نواحي الشام لي نسمة الصّبا |
|
وقد أصبحت حسرى من السّير ظالعه (٢) |
ومن عرق مبلولة الجيب بالنّدى |
|
ومن تعب أنفاسها متتابعه |
وقلت أنا : [الطويل]
حمدت وحقّ الله للشام رحلة |
|
أتاحت لعينيّ اجتلاء محيّاه (٣) |
__________________
(١) أريج الشمال : العطر المنبعث من الريح الهابّة من الشمال.
(٢) حسرى : متعبة ، وظالعة : من الظلع وهو شبه العرج.
(٣) أتاحت : هيّأت. ومحيّاه : طلعته.