أولا ، وفي الدروس تبع الشيخ في استئناف القراءة في صورة العمد ونسب ما اختاره في الذكرى من البطلان إلى لفظ «قيل» مؤذنا بتمريضه وضعفه واما في صورة النسيان فكما في الذكرى من إعادة القراءة ، وبهذا يصير هذا قولا ثالثا في المسألة وهو ظاهر المحقق في الشرائع والعلامة في الإرشاد واليه جنح في المدارك أيضا ، وفي البيان كما في الذكرى من الحكم ببطلان الصلاة في صورة العمد ولم يتعرض لحكم الناسي.
أقول : أنت خبير بان الظاهر انه لا دليل لهم على وجوب الموالاة إلا دعوى ان ذلك هو المفهوم من القراءة ، وزاد بعضهم الاستناد إلى التأسي فإنه (صلىاللهعليهوآله) وكذا الأئمة (عليهمالسلام) بعده كانوا يوالون في قراءتهم مع قوله (صلىاللهعليهوآله) (١) «صلوا كما رأيتموني أصلي». ومعنى الموالاة عندهم هو ان لا يقرأ في خلالها ولا يسكت بحيث يخرج عن كونه قارئا ، واستثنوا من ذلك الدعاء فإنه جائز. ويشكل ذلك بان الظاهر من العرف ان نحو الكلمة والكلمتين لا يخل بالموالاة فلو قيد الحكم المذكور في المنع من القراءة في الأثناء بما يخل بالموالاة عرفا كما قيدوا بذلك في السكوت لكان أظهر.
ثم ان الظاهر عندي ان ما حكم به في الذكرى والبيان من بطلان الصلاة بالإخلال بالموالاة عمدا لا يخلو من اشكال لعدم الوقوف في المسألة على نص. وفي الذكرى انما علل ذلك بتحقق المخالفة المنهي عنها ، وحاصله انه منهي عن تلك القراءة والنهي عن العبادة يوجب الفساد. وفيه ان النهي غير موجود لعدم النص في المسألة إلا ان يدعى انه مأمور بالموالاة التي هي ـ كما عرفت ـ عبارة عن عدم القراءة خلالها والأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده الخاص وهو القراءة خلالها. وتوجه المنع إلى جملة من مقدمات هذا الدليل واضح ، اما الأمر بالموالاة فغير ظاهر إلا ما عرفت من دعوى انه المفهوم من القراءة ، ومع الإغماض عن ذلك فدعوى فوات الموالاة بمجرد القراءة ولو بمثل كلمة أو كلمتين
__________________
(١) المغني ج ١ ص ٥٠٨.