وان الأصل عدم الوجوب في شيء إلا مع قيام الدليل عليه إذ لا تكليف إلا بعد البيان ولا مؤاخذة إلا بعد اقامة البرهان ، وعدم الدليل دليل العدم. وما ادعوه هنا ـ من وجوب القصد بالبسملة إلى سورة معينة فلو بسمل لا بقصد فإنه يجب إعادتها بعد القصد ـ لم يأتوا عليه بدليل واضح سوى ما عرفت من التعليل العليل الذي لا يشفي العليل ولا يبرد الغليل مع استفاضة الأخبار عنهم (عليهمالسلام) بالسكوت عما سكت الله عنه (١) والنهي عن تكلف الدليل في ما لم يرد عنهم (عليهمالسلام) فيه دليل واضح :
ومن ذلك ما رواه الشيخ في التهذيب بسنده فيه عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (عليهماالسلام) (٢) «ان عليا (عليهالسلام) كان يقول : الربائب عليكم حرام مع الأمهات التي قد دخل بهن في الحجور كنّ وغير الحجور سواء ، والأمهات مبهمات دخل بالبنات أم لم يدخل بهن فحرموا ما حرم الله وأبهموا ما أبهم الله».
وما رواه الشيخ المفيد (عطر الله مرقده) في كتاب المجالس (٣) بسنده عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) قال : «قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ان الله حد لكم حدودا فلا تعتدوها وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها وسن لكم سننا فاتبعوها وحرم عليكم حرمات فلا تنتهكوها وعفا عن أشياء رحمة منه لكم من غير نسيان فلا تتكلفوها».
وما رواه في الفقيه (٤) من خطبة أمير المؤمنين وقوله (عليهالسلام) فيها «ان الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تنقصوها وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها».
__________________
(١) روى القاضي محمد بن سلامة القضاعي المغربي في كتابه الشهاب في الحكم والآداب في باب الالف المقطوع والموصول عن النبي «ص» انه قال «اسكتوا عما سكت الله عنه».
(٢) الوسائل الباب ١٨ و ٢٠ من ما يحرم بالمصاهرة.
(٣) ص ٩٤ من المطبوع بالمطبعة الحيدرية في النجف.
(٤) باب «نوادر الحدود» وفي الوسائل الباب ١٢ من صفات القاضي وما يقضى به.