واما السجود على الذقن فاستدل عليه في المدارك تبعا لصاحب المعتبر وغيره بمرسلة الكليني ، قال في المدارك بعد نقلها والاستدلال بها : وهذه الرواية وان ضعف سندها إلا ان مضمونها مجمع عليه بين الأصحاب.
وفيه انه كيف يكون مضمونها مجمعا عليه بين الأصحاب وهي قد دلت على الانتقال من أول الأمر إلى السجود على الذقن والأصحاب قائلون بالحفيرة أولا ثم مع تعذرها فالجبينان ثم مع تعذرهما فالذقن ، فالسجود على الذقن انما هو مرتبة ثالثة والرواية دالة على انه من أول الأمر. ولكن ضيق الخناق في هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح أوجب الوقوع في أمثال هذه التمحلات ، والخبر حيث كان ضعيفا باصطلاحه أراد التستر في العمل به على خلاف قاعدته بما ذكره ، على انه كم قد خالف الأصحاب وناقشهم في أمثال ذلك كما لا يخفى على من له انس بطريقته.
وبالجملة فالظاهر من هذه الأخبار التي نقلناها باعتبار ضم بعضها إلى بعض هو القول بالحفيرة أولا ان أمكن عملا برواية مصادف ، ونحوها كلامه (عليهالسلام) في كتاب الفقه. واما مع تعذر ذلك فالروايات قد تصادمت ههنا ، فاما مرسلة الكليني فإنها دلت على الانتقال إلى الذقن ، واما موثقة إسحاق بن عمار المروية في تفسير علي ابن إبراهيم فقد تضمنت الحاجب الأيمن ثم الأيسر ثم الذقن ، واما عبارة كتاب الفقه فقد تضمنت القرن الأيمن ثم القرن الأيسر ، وهاتان الروايتان اتفقتا على تأخير الذقن فالعمل بهما اولى من المرسلة المذكورة وينبغي حمل الحاجب في موثقة إسحاق على الجبينين مجازا جمعا بين الخبرين فيتم الاستدلال بهما للقول المشهور لكن باعتبار الترتيب لا كما هو ظاهرهم من التخيير بين الجبينين لعدم المستند له في هذه الأخبار.
واما ما ذكره في الذخيرة ـ من قوله : ولا ترتيب بين الجبينين لإطلاق الرواية لكن الاولى تقديم الأيمن خروجا عن خلاف ابن بابويه ـ ففيه انه لم يذكر في هذا البحث كغيره من الأصحاب إلا رواية مصادف ومرسلة الكافي وشيء منهما لم يشتمل على الجبينين كما