حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(١) ، على ما تقدم في مبحث البراءة توضيحه ، وهي خارجة عن محل الكلام ، كما سبق.
ومما ذكرنا يظهر أنه لا مجال لما ذكره في موضع آخر من حاشيته (٢) من مقايسة المقام بما إذا كان الشيء مشكوك الحرمة بعنوانه الأولي ، معلوم الحرمة بالعنوان الثانوي ، كالتبغ المغصوب ، حيث لا إشكال في خروجه بسبب العلم بالحرمة الثانوية عن عموم دليل الأصول.
للفرق بأن الحرمة الثانوية تكليف واقعي والاستصحاب لا يقتضيها ، كما ذكرنا.
وثانيا : أنه لا وجه للفرق بين موضوع الاستصحاب وموضوع غيره من الأصول ، بل لو كان موضوع تلك الأصول هو المشكوك من جميع الجهات ، فليكن موضوع الاستصحاب كذلك ، بل هو مقتضى الوجه الذي ذكره لتقديم الأمارة عليه ، حيث فرضها موجبة لليقين بوجه ، وعليه يكون العلم بالوظيفة الفعلية بمقتضى الأصول المذكورة رافعا لموضوع الاستصحاب.
وأما ما قد يستفاد ممّا ذكره في الموضع الآخر من حاشيته من أن الأصول المذكورة لا تقتضي الحكم على الشيء بالحرمة أو الإباحة بعنوان خاص ، بل بلا عنوان أصلا ، وهو لا يكفي في رفع موضوع الاستصحاب.
فهو مندفع : بأن الأصول المذكورة قد اخذ في أدلتها عناوين خاصة ، كعنوان الجهل بالتكليف في الحكم بالبراءة ، أو شبهة الحرمة في الحكم بالاحتياط عند الأخباريين. مع أنه يكفي في رفع موضوع الاستصحاب اليقين بالحكم ولو كان بلا عنوان. فلاحظ.
__________________
(١) الاسراء : ١٥.
(٢) تعرض لذلك في تعقيب كلام شيخنا الأعظم قدّس سرّه في وجه تقديم الاستصحاب على الأصول.
(منه عفي عنه).