النهي الوارد لا بد من إبقائه وفرض عمومه للزمان اللاحق ، وفرض الشيء في الزمان اللاحق مما ورد فيه النهي أيضا.
فمجموع الرواية المذكورة ودليل الاستصحاب بمنزلة أن يقول : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، وكل نهي ورد في شيء فلا بد من تعميمه لجميع أزمنة احتماله ، فيكون الرخصة في الشيء وإطلاقه مغيّا بورود النهي المحكوم عليه بالدوام وعموم الأزمان ، فكان مفاد الاستصحاب نفي ما يقتضيه الأصل الآخر في مورد الشك لو لا النهي. وهذا معنى الحكومة ، كما سيجيء في باب التعارض».
أقول : من الظاهر أن مفاد الاستصحاب ليس هو الحكم بعموم النهي ـ المتيقن سابقا ـ واستمراره واقعا ، ليكون متمما لدلالة دليل النهي وكاشفا بضميمته عن النهي في مورد الشك ، كي يحكم على الأصل بملاك حكومة الأمارة عليه ـ على ما يأتي في مبحث التعارض ـ لعدم كون الاستصحاب دليلا اجتهاديا متعرضا للأحكام الواقعية ، بل لا يتضمن إلا بقاء النهي والتعبد به ظاهرا بعنوان كونه مشكوك البقاء ، فلا وجه لحكومته على الأصل بعد كون ـ موضوعه كموضوع الاستصحاب ـ الشك في الحكم الواقعي ، الذي لا يرتفع بالاستصحاب ، على ما اعترف به في صدر كلامه.
بل حيث كان كل منهما متعرضا للوظيفة الظاهرية على خلاف ما يقتضيه الآخر كان اللازم التعارض بينهما من دون مرجح لأحدهما يقتضي حكومته على الآخر.
ودعوى : أن ما اخذ في موضوع البراءة بحسب ظاهر أدلتها وإن كان هو النهي الواقعي الوارد على الشيء بعنوانه الأولي ، إلا أن دليل الاستصحاب صالح لتفسيره وحمله على ما يعم النهي الظاهري الوارد على الشيء بعنوان كونه نقضا لليقين بالشك ، كما هو الحال في موارد التنزيل ، حيث يدل دليل التنزيل على