عموم حكم المنزل عليه للمنزل ، وإن كان على خلاف ظاهر دليله في نفسه ، مثل ما تضمن وجوب الإنفاق على الزوجة مع ما تضمن أن المطلقة رجعيا زوجة.
مدفوعة : بأن التنزيل متقوم بأحكام المنزل عليه وخواصه ، فدليله ناظر لتلك الأحكام وشارح لموضوعها عموما أو خصوصا ، فيكون حاكما على أدلتها بوجه يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى في مبحث التعارض.
أما التعبد فهو راجع إلى إحراز الأمر المتعبد به المقتضي لترتب العمل عليه بلا واسطة أو بواسطة التعبد بأثره الشرعي ، كما تقدم ، فالتعبد ببقاء النهي إنما ينفع في ترتب العمل عليه ، وحيث كان التعبد منافيا عملا لمفاد الأصول الأخر لزم التعارض بينها من دون مرجح له يقتضي حكومته عليها ، لعدم نظره إليها ، ليكون مفسرا لموضوعها.
وأما ما فرضه من ورود مفاد الاستصحاب عقيب مفاد البراءة في كلام واحد ، فالوجه في صلوح مفاد الاستصحاب معه لتفسير مفاد البراءة أن الكلام بعضه قرينة على المراد ببعض بنحو يصرفه عما يكون ظاهرا فيه لولاه ، ويكفي فيه أقوائية دلالة القرينة من دلالة ذي القرينة ، وإن لم يكن مفاد القرينة حاكما على مفاد ذيها لو وردا في كلامين ، بل يكونان متنافيين يجمع بينهما عرفا بتقدم الأظهر على الظاهر.
هذا ، وقد توجه الحكومة بوجوه اخرى مبتنية على مبان خاصة للقائلين بها في مفاد الاستصحاب أو في مناط الحكومة ..
الأول : ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه من أن مفاد الاستصحاب الحكم ببقاء اليقين ادعاء وتنزيلا في ظرف الشك بلحاظ ترتب العمل عليه ، فيترتب عليه آثاره ، ومنها رافعيته لمفاد الأصول الاخرى ، لأنه اخذ غاية فيها ، ويكون حاكما على أدلتها على غرار حكومة سائر أدلة التنزيل على أدلة أحكام المنزل عليه.